استدارة اردوغان.. أو «الخليفة» في جِلبابِه «الأطلسِي»؟

جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

لا تبدو «آخر» إستدارة للرئيس التركي/أردوغان مُفاجئة, إن لجهة قوله «نعم» لقبول السويد في عضوية حلف الناتو, أم خصوصاً في جَمعِه (غير المُوفّق وغير المنطقي) بين الـ«نعم» السويدية, ودعوته الاتحاد الأوروبي فتح أبوابه من جديد لعضوية تركيا في التكتّل الأوروبي, الذي لم يفتحه «جدّياً» أمام أنقرة طوال خمسة عقود مضت. وليس اليوم ثمة ما يُجبره أو يدفعه لفتحه الآن. خاصة أن تركيا لا تتوفر على معاييره مُلزمة تتطلبها عضوية الاتحاد الذي طالما انتقده أردوغان مُعتبراً إياه «نادٍ المسيحي» لا يرحب بعضو «مُسلم» كتركيا.

فهل ثمة تغيّيرات طرأت كي يذهب أردوغان في هذا الاتجاه المكشوف والمقصود؟.

المؤشرات كما الوقائع والمعطيات، تدحض تبريرات أردوغان, في الوقت ذاته الذي يصعب فيه تجاهل حقيقة أن أردوغان لم يخرج ذات يوم عن المسار الأطلسي, حتى في علاقاته مع روسيا بعد 24 شباط 2022. بما هو اليوم الذي بدأت فيه العملية العسكرية الروسية الخاصة، عندما صرفت الولايات المتحدة نظرها عن هذا «الحياد» التركي المزعوم, لحاجتها - واشنطن كما الناتو والاتحاد الأوروبي - لقناة حوار مع موسكو, حتى لا تُغلق كل القنوات وتذهب الأمور نحو القطيعة النهائية. وإلّا كيف نُفسر جمع أردوغان «المفاوضين» الروس والأوكران في اسطنبول ولافروف ?ع كوليبا الأوكراني, كما اتفاقات تصدير الحبوب الأوكرانية الذي تمّ تمديده أكثر من مرة, فيما يبدو أن احتمال تمديده بعد السابع عشر من الشهر الجاري غير وارد, أقله في ما تُعلنه موسكو بعد إخلال كييف كما الأمم المتحدة وتركيا في تطبيق بنود الاتفاق القاضية بمرور الحبوب والمواد الغذائية الروسية.

زد على ذلك وساطة تركيا في عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا, والتي خرقها أردوغان على نحو مقصود يوم الجمعة الماضي, عندما سمح بمغادرة خمسة من قادة كتبية آزوف النازيين, الذين وقعوا في أسر القوات الروسية بعد استسلامهم في معركة مصنع آزوف ستال شريطة بقائهم في تركيا إلى حين انتهاء الحرب.

تبرز مسألة أخرى أكثر أهمية خاصة بشأن التصريحات الاستفزازية المدروسة, التي أطلقها أردوغان خلال مؤتمر صحفي مع زيلينسكي. بعد توجيهه دعوة مفاجئة للأخير لزيارة اسنطبول. قاصداً إطلاق تصريحه المدوي القائل بـ«حق» أوكرانيا في عضوية الناتو. ما أثار التساؤلات في موسكو, إن لجهة إطلاق نازيي كتيبة آزوف, أم خصوصاً في قوله «حق» أوكرانيا في عضوية الناتو. مع إدراكه العميق بأن عضوية محتملة كهذه كانت السبب الرئيس الذي دفع روسيا للشروع في عمليتها العسكرية الخاصة.

يدرك أردوغان والحال هذه أنه بمواقفه هذه إنّما قرر الانتقال بتركيا من دور الحياد أو الوسيط إلى وضع الدولة غير الصديقة لروسيا، رغم علم الأخيرة بمواقف أردوغان من المسألة الأوكرانية. سواء في عدم اعترافه بضم شبه جزيرة القرم لروسيا, بعد استفتاء شعبي قانوني وتحريضه بل دعمه لمتمردي «تتار القرم", الذين يجدون لهم مأوى في أوكرانيا, أم خصوصاً في دعمه نظام زيلينسكي وإعلانه قرب افتتاح مصنع لطائرات بيرقدار المُسيّرة في كييف, بعد أن كانت أنقرة زوَّدت الجيش الأوكراني بمئات بل آلاف منها, أصابت بعض النجاح في بدايات الحرب, إل? أن الجيش الروسي أنهى أسطورتها المزيفة ولم يعد أحد يسمع عن دورها المُضخّم.

أين من هناك؟.

لم يخلع الزعيم التركي الذي خلع عليه الإسلامويون العرب لقب «الخليفة», جلبابه الأطلسي ذات يوم أو فكّر في ذلك، رغم بعض الخطوات والمقاربات السياسية التي قام بها. وخصوصاً إعلانه الرغبة في «الالتحاق» بقطارمنظمة شنغهاي للتعاون, تلك المنظمة المُرشحة للعب دور سياسي واقتصادي وازن ومؤثرً في المشهد الدولي, على غرار مجموعة G7 الغربية (وربما أيضاً تلعبه مجموعة «بريكس» إذا ما وعندما تم دفن «التباين» في وجهات نظر الصين والهند في شأن توسيع عضويتها).

في السطر الأخير لن تقف موسكو موقف المُتفرج إزاء مواقف أردوغان الأخيرة, رغم ما عكسته تصريحات ناطق الكرملين/بيسكوف حول رغبة موسكو «تطوير» علاقاتها مع أنقرة, أو «تفهّمها» الضغوط الغربية وخصوصاً الأميركية عليها, من أجل رفع الفيتو التركي عن عضوية السويد في الناتو. بعد أن إنتقد/بيسكوف إطلاق نازيي كتيبة آزوف، وهناك في روسيا من اعتبر مواقف أردوغان مثابة «طعنة» في الظهر, وانتقال إلى وضع الدولة غير الصديقة. وربما تكون «سورية» هي الساحة التي ستواجه فيها روسيا تركيا وأطماعها, في الشمال السوري. رغم أن تركيا قد تتماهى م? موقف واشنطن ومشروعها لتقسيم سورية. الأمر الذي يحتاج إلى تغيير في موقف واشنطن إزاء كرد سوريا. وهو أمر وارد لأن للإدارات الأميركية المُتعاقبة تاريخ طويل من التخلّي عن عملائها بإزدراء وبيعهم بأرخص الأثمان. حتى لو لم تلتزم واشنطن تزويد أنقرة بـ«80» طائرة F16 كما «يأمل» أردوغان.

والأيام ستروي.