آخر «أحبولات» نتنياهو وشروطه.. لـِ«منع» انهيار السلطة!
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
مُباشرة بعد فشل الحملة العسكرية الضخمة التي جّردها رئيس الائتلاف الفاشي في دولة العدو الصهيوني ضد مخيم جنين، وما رافقها من تخريب وتدمير للبنى التحتية المُتواضعة في المخيم الذي تمّ تدميره, خلال ما سُميَّ عملية «السور الواقي» (آذار 2002) التي قادها مجرم الحرب شارون, مترافقة (حملة نتنياهو هذه المرة) مع إعدامات ميدانية وقصف بالصواريخ للبيوت واستخدام مفرط للمُسيّرات والطائرات المروحية. لم يكتف نتنياهو بإطلاق التهديدات بأن «مَن يمسّ أمن إسرائيل سيكون مصيره القبر أو السجن»، بل خرج على العالم وخصوصاً على الفلسطينيين بـ«مُقترح» تمّ تبنّيه من قبل المجلس الوزاري الأمني المُصغّر، لمنع «انهيار السلطة الفلسطينية», رابطاً ذلك بسلسلة من الشروط التي لا تُكبّل السلطة فحسب, بل تُكرّس تبعيتها لحكومة الاحتلال وجيشها، في حين سارعت السلطة الفلسطينية إلى وصف عرض نتنياهو بأنه «وقاحة سياسية», مُعتبرة أن «التسهيلات» التي عرضتها حكومة نتنياهو, بأنّها «حقوق» تفرضها إتفاقات سابقة.
وإذ كان نتنياهو ووزير دفاعه/غالانت زعَما أن خطتهما/اقرأ أحبولتهما هذه, تشمل عناصر لتحقيق الاستقرار بشأن (الوضع المدني) داخل الأراضي الفلسطينية..فإن ما انطوت عليه الخطة المزعومة لمنع ما وصفاه «انهيار السلطة» من شروط, تكاد تكون إن لم تكن في واقع الحال إقرار فلسطيني, بشرعية الاحتلال والاستيطان وإعفاء لدولة العدو من أي التزامات سابقة. بل وتُجرّد السلطة نفسها مما تبقى لديها من هوامش, يمكن أن تمنحها فرصة مُتواضعة لنزع الشرعية عن دولة وحكومة العدو. عبر اللجوء إلى المحاكم الدولية والهيئات القضائية الحقوقية والدبلو?اسية والسياسية الدولية. سواء في ما خصّ المحكمة الجنائية الدولية أم محكمة العدل الدولية, فضلاً عن مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة, رغم تواضع وانعدام قدرة هذه الهيئات على إلزام إسرائيل بتنفيذها, أو التلويح بإجراءات عِقابية حال لم تلتزمها تل أبيب، في ظلّ الدعم غير المحدود الذي تقدمه واشنطن لدولة الاحتلال العنصرية الاستيطانية.
حكومة نتنياهو تخشى (وفق ما قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل) بأن «يتسبب انهيار السلطة الفلسطينية في حدوث فوضى وفراغ في الضفة الغربية المحتلة». ما قد - أضافتْ - يمنح الفرصة للجماعات المُسلحة (والقول للصحيفة) من أجل السيطرة, كما حصل في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس.. معتبرة -الصحيفة الصهيونية- أن السلطة الفلسطينية فقدتْ سيطرتها بشكل كبير على شمال الضفة الغربية، ما أدّى إلى تمكين الجماعات المسلحة, مما «دفعَ - تزعم الصحيفة- القوات الإسرائيلية للقيام بعمليات مُنتظمة».
وإذا كان نتنياهو قد دعا قبل شنّ عدوانه على مخيم جنين, إلى «اجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية, والعمل لقطع الطريق على تطلّعات الفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة لهم»، فإن من السذاجة فصل أو استبعاد حقيقة أن مجزرة «بيت وحديقة» الأخيرة في مخيم جنين, إنما تندرج في إطار دعوة نتنياهو هذه, الرامية قطع الطريق على تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة لهم. وهي تترافق مع حملة الاستيطان المسعورة التي يواصها الإئتلاف الفاشي الحالي, والتي اكتسبت زخمها بإلغاء الكنيست الصهيوني قرار «فك الارتباط» الذي اتخذه شارون بإخلاء خمس مستوطنات في شمال الضفة المحتلة, ومنها «مستوطنة حومش», التي أعاد لها اعتبارها بعودة المستوطنين إليها.
أحبولة منع انهيار السلطة التي يروّج لها نتنياهو, لا تستهدف سوى إضعاف السلطة وإهالة التراب على ما تبقى من اتفاقات ومذكرات تفاهم بين السلطة والاحتلال. الأمر الذي يقطع الطريق نهائيا على أي محاولات (بافتراض وجود محاولات كهذه), لإحياء «عملية السلام» التي لفظت أنفاسها منذ وقت طويل. رغم كل ما قيل عن جهود أميركية لإحيائها حتى قبل وصول بايدن وطاقم إدارته, المشغولون بتوسيع اتفاقيات أبراهام (التطبيع), فيما تتوسع إسرائيل في الاستيطان ويمتنع بايدن عن تعيين مبعوث خاص له لعملية السلام (..), فضلاً عن إعلانه دفن حلّ الدولت?ن, بدعوته الفلسطينيين انتظار قدوم صاحب المعجزات (السيد المسيح عليه السلام) لصنع مُعجزة حل الدولتين.
ماذا عن شروط نتنياهو لمنع انهيار السلطة؟.
نشرَ مكتب نتنياهو أن قراراً كهذا إتّخذ بأغلبية 8 وزراء من أعضاء الكابينت, مقابل معارضة وزير واحد وامتناع آخر عن التصويت (المقصود وزير الأمن القومي الفاشي/بن غفير, ووزير المالية مسؤول ملف الاستيطان في وزارة الدفاع/سموترتش). مُضيفاً –بيان نتنياهو- ستعمل إسرائيل على منع انهيار السلطة الفلسطينية، مع الدفع بمطالبتها (أي مُطالبة السلطة) بوقف أنشطتها ضد إسرائيل، ووقف التحريض في وسائل الإعلام ومناهج التعليم, ووقف دفع المُخصصات لعائلات (الإرهابيين) ووقف البناء غير القانوني في المنطقة «ج».
أي أن ما عجزت حكومات العدو المُتعاقبة عن تحقيقه, طوال ثلاثة عقود على اتفاق أوسلو الكارثي. سيكون في مقدورها الحصول عليه مقابل حفنة من الشواقل والدولارات.
فـَ«على مَن يتلو نتنياهو... مزاميره»؟