ما أخبار «الإسكان والتطوير الحضري»؟

جفرا نيوز - بقلم حسين الرواشدة

‏هل تذكرون المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري؟ أكيد، فقد أنشئت عام 1992، وأصبحت خلفا قانونيا لكل من مؤسسة الإسكان (1965 ) ودائرة التطوير الحضري (1980 )، ولها مجلس إدارة يضم 11 عضوا، يرأسه وزير الأشغال العامة، يفترض -بالطبع - أن تنهض هذه المؤسسة بمهمتين على الاقل : بناء اسكانات للمواطنين من ذوي الدخل المحدود، وتطوير الأراضي واستصلاحها لتشغيل الأيدي العاملة الأردنية، أو بيعها لهم بأسعار رخيصة، أكيد، أيضا، أن ذاكرة الأردنيين ما زالت تحتفظ بمشروع «سكن كريم «، وهو من إنجازات المؤسسة، ويعرفون ما انتهى إليه، سواء في الواقع، أو في اروقة المحاكم.

‏عدت إلى موقع المؤسسة على الشبكة، لكي اتعرف على إنجازاتها خلال السنوات الماضية، بصراحة لم اجد ما يستحق الإشارة، لكنني حين قرأت كلمة المدير العام للمؤسسة «مقولة في التميز» وفي آخرها عبارة «نصنع الفرق « انتابتني حالة من الحزن الشديد، معقول مؤسسة مضى على تأسيسها نحو 50 عاما، وتضم عشرات الموظفين، وتُخصص لها موازنة من الدولة، ويتقاضى مجلس إدارتها رواتب شهرية، ثم لا يتجاوز ملخص إنجازاتها المنشورة على الموقع، منذ عام 2007 وحتى العام الحالي (6) مشروعات صغيرة، معظمها بيع قطع اراض محدودة، ثم تقول للاردنيين إنها « تصنع الفرق»؟.

‏حين دققت أكثر في قائمة مشروعات العام الحالي 2023، عثرت على قائمة إعلانات موزعة بين دعوة للاستثمار في قطع اراض تجارية في عمان والزرقاء، وعطاء لشراء احبار طابعات وفاكسات وآلات تصوير، وإعلان لنضح المياه العادمة لمشروع سكن كريم، ومناقصة لأعمال صيانة مخازن وحمامات وبناء كشكات وأحواض زراعية في سوق أبو نصير التجاري، وهكذا..، كنت ابحث عن مشروع سكن كبير (يشبه سكن أبو نصير مثلا ) او عن تطوير أراض في الجنوب، او البادية او الشمال..لم اجد شيئا.

‏ تساءلت بمرارة : كم لدينا من مؤسسة «عاطلة عن العمل» تشبه هذه المؤسسة، كم ندفع من موازنة الدولة نفقات لمؤسسات أصبحت تشكل عبئا علينا، ولا نستفيد منها أي شيء، لماذا نصر على إنشاء مؤسسات، وهيئات جديدة، مع ان ما تقوم به من أعمال يمكن إنجازه عبر تشكيل لجان، او من خلال وزارات قائمة، أو مؤسسات أخرى؟.

خطر في بالي ما يدور من جدل حول إلغاء ديوان الخدمة المدنية، البعض يقترح انشاء مفوضية بدلا عنه، و آخرون يطالبون بتشكيل هيئة مستقلة، فيما ثمة رأي بتحويله إلى وزارة للموارد البشرية..خطر في بالي، أيضا، قضية اهم، وهي إصلاح القطاع العام، هنا لا استطيع أن اكتب شيئا، يكفي ان اقول : ان مشوارنا مع إصلاح الادارة العامة سيكون طويلا جدا، ورحلة جبلية صعبة أيضا.

‏تصوّر لو أن مؤسسة مثل الإسكان والتطوير الحضري (ومثلها كثير ) اجتهدت في مجال عملها العام، وأقامت مشروعات كبرى لتوفير سكن كريم للشباب المقبلين على الزواج، او استثمرت في أراضي الدولة التي تشكل نحو 70% من جغرافية الأردن، او أنها ذهبت إلى الحضر والأرياف، وتعاونت مع وزارة الزراعة والوزارات الاخرى و أقامت مشروعات صغيرة للشباب، لو ان موازنتها ذهبت إلى نفقات أخرى ضرورية، إذا كان وجودها غير لازم، تصوّر كم يحتاج بلدنا لمن يصنع الفرق حقا على الأرض، لا على المنصات الافتراضية، أو في المؤتمرات الاستعراضية.

‏أسعد ما أكون إذا كان ما قلته مجرد انطباعات، أو معلومات غير صحيحة، ثم أن اسمع ردا عليها من المؤسسة، لكن بلغة العلم والأرقام، لا بلغة الردود الرسمية المألوفة.