بعد 11 شهراً..فُرصة لنصارح أنفسنا

جفرا نيوز - بقلم حسين الرواشدة

‏بقي نحو 11 شهرا، وتدخل «المملكة الرابعة» اليوبيل الفضي (حزيران 2024 )، استدعاء هذه المناسبة، بهذا التوقيت المبكر، مهم لطرح سؤالين، الأول: ما هي السردية التاريخية التي يفترض أن نقدمها للأردنيين، لمصارحتهم بما فعلناه خلال السنوات المنصرفة، سواء فيما يتعلق بما أنجزناه، أو واجهناه، او أخفقنا فيه، الثاني : كيف ستكون المرحلة القادمة، وما المشروعات التي يمكن أن نطلقها تزامنا مع هذه المناسبة، هل سننتقل، فعلا، من مرحلة «التعزيز « إلى مرحلة «التحديث «، وكيف ؟.

‏لكي تبدو هذه الأسئلة، وغيرها، وجيهة، أسجل ملاحظتين، احدهما ان نحو 65% من الأردنيين من فئة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم ال 30 عاما، هؤلاء فتحوا أعينهم على المملكة الرابعة، وبالتالي فإن اغلبية الأردنيين هي من جيل لا يعرف كثيرا ما عاصرناه في مرحلة ما قبل الألفية الثالثة، الملاحظة الثانية : تتزامن هذه المناسبة مع انطلاق تنفيذ مشروعات التحديث الثلاثة، حيث من المتوقع ان نشهد العام القادم إجراء أول انتخابات برلمانية، وفق القوائم الحزبية، وربما نشهد ثاني حكومة حزبية أيضا.

‏أترك مهمة الإجابة على أسئلة الأردنيين لمن يهمه الامر، وربما اقترح أن يتولى تلك المهمة نخبة من المعنيين، القادرين على وضع رواية دقيقة ومقنعة بما جرى خلال السنوات الماضية، لكنني أشير، فقط، إلى سؤالين لإنعاش الذاكرة، الأول: كيف صمدنا فيما مضى على الرغم مما واجهناه من تحديات وأزمات وعواصف، وما جرى حولنا من تحولات و مفاجآت ؟ الثاني : متى كانت ظروفنا أفضل منذ تأسيس الدولة وحتى الآن ؟ ربما تبدو المقارنة بين أوضاع المملكة في العهود المختلفة مقارنة غير دقيقة، نظرا لكثير من التغيرات والمستجدات و اختلاف أحوال العالم، والأردنيين أيضا، لكن لا بأس أن نستحضر التاريخ لفهم واقعنا، وأخذ ما يلزم من دروس وعبر، وصولا لرؤية المستقبل الذي نريده.

‏أعرف أن لدينا كتلة كبيرة من الأردنيين ما تزال غارقه بالإحباط، أعرف، أيضا، أن فجوة الثقة بين الدولة ومؤسساتها وبين المجتمع توسعت، ولا تجد حتى الآن من يجسرها، أعرف، ثالثا، أن معظم إدارات الدولة لم تقدم للأردنيين سردية متكاملة عن المسيرة التاريخية للبلد، و أنها اكتفت باتباع نظام العمل بـ»المياومة «، أعرف، رابعا، أن الجيل الجديد -جيل الألفية الثالثة - يكاد لا يعرف عن تاريخ بلده إلا النزر اليسير، وأنه فتح عيونه على عالم متغير، وانشغل بالمقارنة بين ما هو فيه، وما وصل إليه هذا العالم، أعرف، خامسا، ان ما حولنا في الإقليم تغير أيضا، فقد سقطت حواضر وانكفأت أخرى، وأصبحنا وحيدين بعد أن انقطعت شرايين الدعم و المعونات، و تضخم عدد السكان بسبب التهجير، وفقدنا الكثير من الأدوار.. الخ، وبالتالي فإن معادلات اليوم، لم تعد كما كانت بالأمس.

‏هذه الاعترافات التي يمكن لأحدنا أن يسترسل فيها يجب أن تذكرنا بمسالة مهمة، وهي وجوب النظر بعينين لما أنجزناه، ولما أخفقنا به، انتصاب الميزان ضروري لكي لا نقع في فخ اليأس، أو التغطية على الخطأ، ولكي نكون منصفين لأنفسنا وبلدنا، الأهم من ذلك أن نفكر بما سنفعله بالمستقبل، الإجابة عن سؤال المستقبل أفضل بكثير من الاستغراق بالماضي، تمجيداً له أو انتقاصاً منه، المستقبل -هنا - هو أبناؤنا الذين نريد أن يعيشوا أفضل منا، وان لا يواجهوا ما واجهناه من نكسات وخيبات.

‏ بقي أن أقول : ستدخل المملكة الرابعة يوبيلها الفضي بعد 11 شهرا، وهي أشد عوداً، وأقوى شكيمة، و أكثر تصميما على تحديث بناها ومؤسساتها، و الأهم الإنسان الأردني، وما يحتاجه من حريات وعدالة وعيش كريم، فعلى مداميك الهمّة والأمل ننهض، إدارات الدولة والمجتمع معا، لإكمال المسيرة بإيمان وعزيمة لا تلين، إن شاء الله.