جفرا ترصد كيف كسر مخيم جنين اسطورة جيش الاحتلال الذي لايقهر ومرغ جنوده بالوحل

جفرا نيوز – د. محمد أبو بكر

في العام 2002 شنّت قوات الإحتلال الصهيوني هجوما واسعا في مختلف أنحاء الضفة الغربية تحت مسمّى عملية ( الدرع الواقي ) ، وقد استمرت العملية (المجزرة) أكثر من شهر ، حيث أسفرت عن مقتل ثلاثة وعشرين جنديا صهيونيا ، واستشهاد المئات من الفلسطينيين.

كان هدف تلك العملية هو القضاء على المقاومة بشكل نهائي ، غير أن ذلك لم يتحقق ، وبعد أكثر من عشرين عاما حاولت قوات الإحتلال تركيز عملياتها في منطقة محددة لا تزيد مساحتها على نصف كيلو متر مربع ، ونقصد هنا مخيم جنين ، الذي بات يمثّل قلعة صمود المقاومة.

وتدرك حكومة اليمين الصهيوني بأن المخيم بات هو الملجأ لعناصر المقاومة ، هذا إذا ما علمنا بأن غالبية المقاومين هم في بدايات العشرينيات ، فهم ولدوا بعد الإنتفاضة الثانية ، وغالبيتهم لا ينتمي لأي فصيل ، وهذا ما يؤرّق كيان الإحتلال وكذلك السلطة في رام الله.

العملية الأخيرة استهدفت القضاء على كل الأهداف داخل المخيم وبعض أحياء مدينة جنين ، ومن خلال المعلومات الإستخبارية ، تمكّنت قوات الإحتلال من تحقيق بعض النتائج ، غير أنها فشلت في تحقيق ردع معيّن ، فالمقاومة تستطيع وبكل سهولة من إعادة ترتيب أوراقها من جديد ، وجيش الإحتلال يدرك ذلك ، والعملية لم تتمكن من القضاء على المقاومين ، فخسارة 12 شهيدا ، وبينهم أطفال هو وضع طبيعي في المواجهة مع الصهاينة.

لم تحقق اسرائيل الردع المطلوب رغم المساحة المحصورة التي جرت فيها المواجهات ، صحيح أننا لاحظنا خروج العديد من العائلات من المخيم ، غير أن ذلك قد لا يعني الكثير ، فالفلسطينيون لن يقبلوا بنكبة أخرى لهم ، سيقاومون حتى النهاية مهما كانت الكلفة كبيرة ، فهذا هو قدرهم بعد أن تخلّى الأشقاء عنهم قبل الأصدقاء.

المقاومة أدركت في المواجهة الأخيرة أنها ستكون أمام مواجهات أخرى قادمة ، وربما أكثر ضراوة ، وهذا يستدعي قراءة عميقة لما جرى ، فالفصائل الفلسطينية لها حساباتها السياسية أحيانا ، عدا عن الضغوط التي تتعرض لها من بعض العواصم ، غير أن المقاومين اليوم لا يخضعون لحسابات هذه الفصائل ، فهم وجدوا من أجل مقاومة المحتل وصولا إلى التحرير الشامل والخلاص من الإحتلال ، ولا ننكر بأنّ الثمن سيكون كبيرا ، وهذا أمر طبيعي لكل الشعوب التي قاومت الإحتلال عبر التاريخ.

المقاومة الفلسطينية في جنين ومخيمها هي المقدّمة لمقاومة شاملة ستمتد عبر أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة ، وقد تمتد إلى الداخل الفلسطيني ، في ظل استمرار الإستفزازات من قبل اليمين الصهيوني الحاكم ، الذي ربما يفقد عقله في لحظة ما ، حين يدرك بأن كل ترسانته العسكرية لن تجدي نفعا مع مقاومين يحملون أرواحهم على أكفّهم دفاعا عن شرف الأمة وكرامتها وعزّها ، لأنها تضع في حسبانها هدفا واحدا فقط وهو التحرير والإستقلال.

ملخص القول .. أن مخيم جنين هذه البقعة الصغيرة أصبحت عصيّة على جنود الإحتلال وبكل ما يملكون من قوّة ، لقد استعصت عليهم طيلة أكثر من عقدين من الزمن ، وباتت عقدة لا حلّ لها لدى الحكومات المتعاقبة في كيان الفصل العنصري ، هذا الكيان الذي استطاع في ظرف ستة أيام من احتلال أكثر من خمسة وأربعين ألف كيلومتر من أراض عربية ذات يوم قبل أكثر من ستة وخمسين عاما.

وفي استعراض موجز ما تحدث به الإعلام العبري نجد وصفا للعملية بأنها مجرّد استعراض مسرحي وكم يعطي المسكّن لحالة ميؤوس منها ، والشعب الفلسطيني يظهر التحدي في كل مرّة ، وهو ربما يستعد للأسوأ.

ويضيف هذا الإعلام باستحالة استئصال المقاومة الفلسطينية مشيرا إلى أنّ قوات الإحتلال فشلت في تحقيق أهدافها خلال عملية مخيم جنين .