شيخوخة الصين والأسر ذات الأطفال الكثر


رمزي الغزوي

أعلنت شركة «تريب دوت كوم» الصينية أنها ستدفع 50 ألف يوان (6898 دولاراً) للموظفين عن كل طفل ينجبونه اعتباراً من مطلع هذا الشهر في مبادرة هي الأولى من نوعها تطلقها شركة خاصة لمكافحة شيخوخة المجتمع بعد أن خسرت الصين موقعها الأولى في عدد السكان لصالح الهند قبل عدة أسابيع. 

فبعد أن فرضت الصين سياسة الطفل الواحد للأسرة من عام 1978 إلى 2015 حذر الباحثون في الديموغرافيا من أن البلد ستعاني من شيخوخة السكان مع انكماش قوتها العاملة وإنفاق الحكومات المحلية المزيد على المسنين ورعايتهم. فجراء تلك السياسة انخفض معدل المواليد إلى 7.52 مولود عام 2021، والنسبة مرشحة بالانخفاض أكثر في قابل السنوات. 

في العام قبل الماضي أعلنت السلطات أن الأزواج يمكنهم إنجاب ما يصل إلى ثلاثة أطفال وأكثر، دون أن يرتفع مؤشر المواليد، حتى خلال جائحة كورونا واضطرار السكان للبقاء في المنزل. فيبدو أن رغبة الإنجاب تغيب عن الأزواج بشكل غريب.

فقبل الشركات الخاصة المستشعرة لفداحة الموقف راينا الحكومة التي كانت تعاقب وتغرّم بل وتجبر الأمهات على الإجهاض تطرح شعارات رنانة تدعو إلى إنجاب الأطفال من أجل البلاد، مما أثار انتقادات ساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي رأى بعضها، أن هذه السياسة متطفلة جدا، ومنفصلة عن واقعها، وتفتقر إلى حسّ المراعاة والخصوصية والمنطق.

من جهة أكثر حساسية فيبدو أن قرار الطفل الواحد للأسرة لم يأخذ بالحسبان اختلال التوازن بين الجنسين، فبعض الإحصائيات تشير اليوم إلى أن أكثر من ثلاثين مليون رجل لا يمكنهم العثور على زوجات صينيات، لأن الأسر في معمعية الانصياع لقرار الطفل الواحد كانت تفضل أن يكون طفلها ذكرا، لأسباب لا تختلف كثيرا عن الأسباب التي تعرفها وتؤمن بها المجتمعات الشرقية.

لا أتوقع أن يستجيب موظفو شركة «تريب دوت كوم» لمبادرتها، كما لم تستجب غالبية الأسر الصينية لنداءات الحكومة، حتى ولو أوجدت جائزة «الأم البطلة ذات الأطفال الثلاثة» التي انتهجتها الدول الشيوعية، بما فيها الصين، أيام مؤسسها ماو تسي تونغ خمسينيات القرن الماضي.

 الأسر اعتادت وتعودت على الطفل الواحد الوحيد، وتطبعت معه، وتأقلمت عليه، والعادات دين الشعوب وديدنها.