ابتزاز بحماية القانون

جفرا نيوز - بقلم عمر عليمات

قضايا عديدة أصبحت جزءا من يوميات الأردنيين، ومنها قضايا الادعاء بالتحرش أو افتعال حوادث سير والمطالبة بمبالغ مالية لإنهاء الموضوع قبل الوصول إلى الجهات الأمنية، للدرجة التي امتهن فيها البعض هذا الأمر كوسيلة للتكسب المادي السهل.
 الابتزاز تحت مظلة وحماية القانون أقرب إلى الظاهرة السائدة منذ سنوات في مجتمعنا، ويتزايد بشكل كبير، دون أي معالجة حقيقية، بحيث وصل حد المشكلة المسكوت عنها رغم أن الجميع مدرك لخطورة ذلك وعواقبه على الأمن المجتمعي.

 منذ يومين دخلت أحد المحلات التجارية وسمعت حواراً بين أمرأة وصاحب المحل، ورغم صبره على كل الاساءات والشتائم التي يندى لها الجبين ومطالبتها فقط بمغادرة محله كان ردها حرفياً «بلبسك 7 سنوات سجن وانت بتضحك»، وانتهى الأمر بسكوت الرجل ومواصلة سماع كل أنواع البذاءة لتجنب ما هو أسوأ، وفي حديث لاحق سمعت عن حالات ابتزاز واضح، أجبر فيها البعض على تقديم المال اتقاء للشر والفضائح، رغم أن مَن يدعي أنه الضحية يتصرف بكل وقاحة ويطالب بمبالغ مالية محددة للتنازل عن الشكاوى المقدمة، ومنهم مَن هو معروف بهذه القصص ولكنه يعرف تماماً أن القانون يحميه.

القانون لم يُشرع ليكون سلاحاً يستخدم لإرهاب وتهديد الناس، بل لتوفير العدل والمساواة وضمان حقوق الجميع، ومع ذلك، يتعرض الناس في بعض الأحيان لهذه التجاوزات القانونية، حيث يجدون أنفسهم محاصرين في مواجهة اتهامات كاذبة تهدف إلى إرغامهم على الدفع لتجنب تبعات قضائية قد تكون وخيمة، ناهيك عن طبيعة مجتمعنا التي تساهم بشكل كبير في تزايد هذه الظاهرة، فنحن مجتمع الكثير من فئاته لا ترحم، مما يضع مَن يواجهون مثل هذه القضايا أمام خيارات محدودة للدفاع عن أنفسهم، لخوفهم من تداعيات الاتهامات على سمعتهم وحياتهم الشخصية والمهنية، وهذا ما يدفعهم للرضوخ للابتزاز ودفع مبالغ مالية للتخلص من الأزمة.

لا أعرف إذا كانت هناك اجراءات متخذة لمواجهة هذا الوضع، ولكن تكرر هذه الحوادث يشير إلى وجود ثغرة واضحة، لا بد من معالجتها، وقد تكون البداية بوضع قاعدة بيانات على مستوى المملكة فيها اسماء الاشخاص الذين تكررت إدعاءاتهم ضد آخرين خاصة في قضايا التحرش وافتعال حوادث السير وتعميم هذه البيانات على جميع الجهات الأمنية، ليتم التعامل معهم وفقاً لمعايير خارج صندوق القوانين الجامدة بل بروحها والمغزى من تشريعها.

 التعامل بالنص مع هذه القضايا شجع على استغلال أصحاب النفوس المريضة على ممارسة هذا الأمر، فهم يعلمون تماماً أن سمعة الناس غير قابلة للإصلاح إن تضررت، ولذلك دائماً ما تبدأ عملية التفاوض مباشرة، ولعل قضايا الادعاء بالتحرش أكثر فداحة من القضايا الأخرى، وهنا لا بُد من وجود آلية تحترم سمعة الناس وتراعي كرامتهم قبل السير بالإجراءات القانونية للتأكد من صدق أو كذب الادعاء، وإلا فإن لا أحد سيرفض الدفع مقابل النجاة بسمعته وسمعة عائلته.

 بالمحصلة نحن أمام ظاهرة لا ينكرها أحد، وتحتاج إلى تشريعات وقوانين تفضي إلى التقليل منها، ومواجهتها، أما القضاء عليها تماماً فبحاجة إلى إجراءات أكبر من مجرد إصدار قوانين وتشريعات لحماية المجتمع.