بوتين لا يفهم شيئاً

جفرا نيوز- كتب: ايهاب الدهيسات


يقول إعلان أشهر شركة منتجة للفودكا الروسية: لا يمكنك فهم روسيا بالعقل!.

رعب عايشناه بتقدم "عصابة فاغنر" نحو موسكو التي لم يجرؤ على طريقها أحد منذ هجوم هتلر، بمغامرة تعكس عقيدة نازية وتفرد مستبد بالرأي، خطوات شيطان يفهم جيداً أهدافه الممتدة منذ مشروع الفوضى الذي سوقته إدارة أوباما تحت مسمى الربيع العربي .

وكرد فعل طبيعي صبت جميع التحليلات بانتظار الرد الصارم على العصابة، وتصفية جسدية لقائدها المهووس بالإنتقام من وزير الدفاع الروسي شويغو الذي سمح للجيش الأمريكي بقصف ٣٠٠ عنصر من فاغنر بمدينة دير الزور السورية بمعركة "الخشام" المنسية إعلامياً في العام ٢٠١٨، وهي مجزرة حقيقية لعصابة فاغنر وسميت بهذا الإسم نسبة لبلدة الخشام، ومن يدري فقد يكون الجيش الأمريكي قد غض البصر عن هجوم روسي مماثل على عصابات داعش وغيرها في مدن سورية، ولكن كل ذلك حدث في زمن الرئيس ترامب.



اليوم تبدلت الإدارة الأمريكية وعاد رواد مشاريع الموت والفوضى، واستمر المشروع إلى أن وصل حد التلويح بقرار أمريكي يقضي برفع العقوبات عن عصابة فاغنر بحجة عدم التحيز لأطراف النزاع في روسيا، مع تقديم قائد العصابة بريغوجين إعلامياً كضحية للسياسيين الروس، وكانت الخارجية البريطانية تعلق على الأحداث كما لو كانت مباراة لكرة القدم، في ظل صمت للشارع الروسي الذي كان على موعد مع الحرب الأهلية، بينما حبس العالم أنفاسه بمتابعة نهائي الشر مع كل خطوة لفاغنر نحو حقيبة الأسلحة النووية.

السيرة الذاتية لقائد العصابة حافلة بالسجل الإجرامي، وباتت بيد العالم منذ حادثة الجمعة بما يجعلنا أكثر حيرة من الرد الروسي بالموقف الأمريكي، فيما طغت الدهشة أكثر على الحيرة في التهريج البريطاني الغير مسؤول عندما بدأ العد التنازلي لساعة الصفر بسطحية توثقها حكمة وينستون تشرشل: روسيا لغز ملفوف بلغز ومحاط بالألغاز.
 

يتقاضى أفراد فاغنر رواتب فلكية بالنسبة للجنود النظاميين، إذ يصل راتب الفرد فيها إلى ٤٠٠٠ دولار، لأن جنتهم في الأرض على عكس عصابة داعش التي تم تصميمها لتعيش جنة ما بعد الموت مع عدم نسيان نصيبهم من الدنيا بما يقع بأيديهم من النساء والقناطير المقنطرة.

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية لم يتوقف هنري كيسنجر من التحذير بكارثة استفزاز روسيا، ويتحدث عن إحدى عشر لقاء جمعته مع الرئيس الروسي واصفاً إياه بالشريك المثالي، ومستدلا على عقلانيته باعتراف أسر به بوتين لكيسنجر يقول فيه : أحياناً أشعر بأنني أفهم كل شيء من حولي، وأحيانا استيقظ وأشعر بأني لا أفهم شيئاً.

ولكن كيسنجر الذي يتابع صفحته رقم معدود على أصابع اليدين غير مرحب برأيه، و آخر شيء تنتظره الإدارة الأمريكية هو قبول النصائح ، فهي تفهم كل شيء من حولها بلغة حديثة لا يفهمها العقل ولا القلب، فتميزت بسيادة جيل الحروب الرابع والخامس، والذي سيستمر بتقديم بريغوجين كبطل ومخلص شأنه شأن مجرمين حصلوا على لقب أمير المؤمنين، بحيث لا يفهم أحد شيئا مع استمراره باعتماد لغة العقل والقلب للتعرف على الأحداث.

إنها إدارة شيطانية تفعل ما تخطط له وتفهم ما تريد، تماماً كما كان هتلر يعي ما يريد ويفهم كل شيء من حوله!.