الجرائم الأسرية.. الـدوافـع والـحــلــول
جفرا نيوز - في الشهور الاخيرة، زاد الحديث عن العنف الاسري في المجتمع الاردني الذي لم يكن معتادا على مثل هذه الارتفاعات المقلقة في عدد الحالات، فالعنف الاسري كما هو معلوم موجود في جميع المجتمعات باختلاف معدلاته.
ومن الجانب الاجتماعي لما شهده الشارع المحلي مؤخرا من حالات عنف ارتقى بعضها لدرجة الجريمة، أكد مختصون اجتماعيون ان الأسرة هي النواة الأولى في التنشئة وإكساب أفرادها السلوك القويم، فقد وقع على كاهلها العبء الكبير، حيث إنها مطالبة بعدة مسؤوليات، وفي عدة مجالات لحماية أفراد الأسرة من العنف، ومن تلك المسؤوليات إتباع الأساليب الواعية في التحاور بين أفراد الأسرة، والمساواة في التعامل مع الأبناء، وإشباع احتياجات الأبناء النفسية والاجتماعية والسلوكية، وكذلك المادية، والمشاركة الحسية والمعنوية مع الأبناء، ومصادقتهم لبث الثقة في نفوسهم، ثم التقليل من مشاهدة مناظر العنف على أجهزة التلفزة، وغرس القيم والمبادئ والأخلاق في نفوس الأبناء منذ الصغر، ومتابعة الأبناء وتوجيه سلوكهم.
مدير مركز الثريا للدراسات الدكتور محمد الجريبيع قال المجتمع الاردني في السنوات الأخيرة قد شهد مجموعة من التحولات والتغيرات الكبيرة، سواء تحولات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي أو غيرهما، وهذه التغيرات كان لها تأثيرات سلبية واخرى ايجابية، ومن اهم وابرز التغيرات السلبية هو التحول الذي جرى على منظومة القيم التي تحكم المجتمع والاسرة بشكل عام مرت ايضا في مسار التحول، وبالتالي اصبح هنالك قيم جديدة لم تكن سابقا، فضلا على ان دور الاسرة ووظيفتها، بما يشمل التغير على دور الاب والام، فالأم والاب اصبح لديهم مسؤوليات واعباء جديدة نتيجة انخراطهم في ضغوطات الحياة بالذات الاقتصادية منها.
وبين الجريبيع أن غياب الوالدين عن ما يجري في الاسرة ادى الى سلبيات لا يمكن انكارها، في السابق كانت تسيطر القيم الجماعية والان حلت القيم الفردية واصبح هنالك شعور لدى افراد الاسرة بالاغتراب وانه غير مرتبط بهذه المؤسسة المهمة، اضافة الى التأثيرات التي تركتها منظومة مواقع التواصل الاجتماعي وتطور الاعلام والانفتاح على العالم خلق افكارا جديدة، وقد تكون هذه الافكار والمعتقدات تتعارض مع قيم الاسرة والمجتمع، وهذا العالم الافتراضي اثر على ارتباطهم واحساسهم بمن حولهم.
واضاف الجريبيع وهو متخصص في علم الاجتماع، ان هذه العوامل بمجملها ادت الى احساس الفرد بالاكتئاب والاحباط ومن هنا يتجه نحو العنف الاسري، لا سيما ان هذا الفرد لا توجد ضوابط لضبط سلوكه، وانه يطلع على عالم اخر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وما يطلع عليه يختلف عن واقعه ولا يستطيع تحقيقه مما يدفعه للشعور بالإحباط.
وبحسب الجريبيع فانه في السنوات الاخيرة أصبح هناك مؤسسات كثيرة بديلة للأسرة، وجميعها يشارك في تنشئة افراد الاسرة وترك البصمة عليهم، ففي المجمل فان هناك احساس في اغتراب الشخصية والهوية خاصة عند الاطفال ناتج عن غياب الدور الاساسي للاب والام.
وتتمثل الخطوة الاولى لحل مشكلة العنف الاسري هو الاعتراف بأهم الاسباب التي ادت اليه من اسباب اقتصادية الى ضغوطات نفسية، الى اهمية اعادة دور الاسرة الى المكانة الطبيعية، فضلا عن اهمية الدور الذي تقوم به المؤسسات التربوية، بالتزامن مع القانون الرادع، وان يكون هنالك استراتيجيات توعية للأسر من اجل توعيتهم حول حجم التغيرات الحاصلة حتى يتم تعديل وتعزيز مفهوم التنشئة بما يضمن متانة العلاقات الاجتماعية.
ولفت جريبيع الى اهمية وضرورة العمل على تأهيل الشباب المقبلين على الزواج، لبناء اسرة متوازنة وقائمة على المودة والرحمة، فهؤلاء الشباب قادرون على اعادة ترابط الاسرة من الداخل من خلال التأكيد على اهمية القيم والمرجعية الاسرية مع التنبه الى ان التربية الاسرية يجب ان يتم تحديثها وان لا تكون تربية تقليدية لا تتناسب مع المتغيرات الحاصلة.
في ذات السياق، اشار استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي إلى أنّ وتيرة العنف ازدادت بشكل مضطرد خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يؤكده الواقع، والتقارير الجنائية التي تصدر عن مديرية الأمن العام، والعنف موجود بأشكال مختلفة سواء منها الجسدي او اللفظي وغيره، أن العامل الاقتصادي هو العامل والمحرض الرئيسي على ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع الأردني، فالفقر والبطالة من اهم الاسباب وتنامي معدلات الجريمة، ايضا هنالك عوامل الحالة النفسية أو تعاطي المواد المخدرة أو البيئة المجتمعية المحيطة، والتنشئة الاجتماعية الخاطئة وغياب دور الاسرة التي تعد هي الدعامة الأساسية لبناء الأمم والمجتمعات، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع وتقدمت الأمم وسطرت حضارتها بقوة ومجد.
أخصائي أمراض نفسية : أسباب مجتمعية وخاصة وراء العنف الأسري.
الدستور