داودية يكتب: لا تفعلها !!

جفرا نيوز - بقلم محمد داودية

لم أعد أذكر اسم الكاتب الروسي الشهير، ولا اسم روايته الكاسحة الجميلة، التي قرأتها قبل 50 عاماً «على نَفَسِ واحد» بلا انقطاع، لشدة جذبها وقدرتها على امساك القراء من تلابيبهم، كما يقول اخواننا المصريون.

وأصدقكم أنني كنت حزيناً لأنني أنهيت قراءة تلك الرواية التي تمنيت لو أنها لا تنتهي، كما كان الحال مع روايات اخرى مثل:
ثلاثية نجيب محفوظ، ثلاثية سهيل إدريس، ثلاثية فتحي غانم، شرق المتوسط، القوقعة، الأم، الأقدام العارية، الياطر، أنت منذ اليوم، نجران تحت الصفر، رجال في الشمس، الشيخ والبحر، 10 أيام هزت العالم، موسم الهجرة إلى الشمال، نجمة، دعاء الكروان، الخَماسين، اللص والكلاب، في بيتنا رجل، يحدث في بَر مصر، المستنقع، أولاد حارتنا، اللاز، عندما تشيخ الذئاب، صمت البحر، كانت السماء زرقاء، الدون الهادئ، ... إلخ.

قرأت في مجلة سبوتنيك السوفياتية الشهيرة تصريحاً لذلك الكاتب، أعرب فيه عن حزنه الشديد لأن روايته التي كتبها في عشرة أيام، وطبعت بمئات آلاف النسخ، بسبب تهافت القراء عليها في جمهوريات الاتحاد السوفياتي، قد ملأت 12 قاطرة -فرقون- قطار، مما اقتضى قطع أشجار غابة جميلة كاملة، لصناعة الورق الذي تم طبع الرواية عليه.

لا يأتلف التأليفُ مع الفطرة، لا أرى أن الكتابةَ حرفةٌ أو احترافٌ وليست الكتابة، إلهاماً أو وحياً.

لا أرتاح إلى كلمتي المؤلف والتأليف، ففيهما صنعة، أرى أنها تنزع من المؤلَّف، الدهشة والبهجة ومباغتة الكاتب والقراء.
والأمر لا يمكن حشره أو حصره في نهج أو نسق واحد محدد.

قال البارودي:

أَسِيرُ عَلَى نَهْجٍ يَرَى الناسُ غَيْرَهُ،

لِكُلِّ امْرِئٍ فيما يُحاوِلُ مَذْهَبُ.

ويقول تشالز بوكوفسكي: «إذا كنت تحاول ممارسة الكتابة من أجل مال أو شهرة أو نساء، فلا تفعلها، إذا كنت تجلس طويلاً أمام شاشة الكمبيوتر أو منحنياً على سطور أوراقك باحثاً عن كلمات، فلا تفعلها. مكتبات العالم اتخمت حتى الاختناق بسبب أمثالك.

حين يكون الوقت مناسباً، وتكون أنت مناسباً، ستحدث الكتابة وستواصل الحدوث !! «.