كريشان يكتب: عبدالله حنا عزوتك.. نفديك بدم رقابنا

جفرا نيوز/ كتب: محمود عطاالله كريشان

هي معان .. عاصمة الأمير عبد الله الأول المؤسس، وهي محطة إستقبال رجال الثورة العربية الكبرى، عندما أسرجوا خيولهم الصاهلة بإسم العروبة، لترتوي من عيون معان طهرا وزمازم، وقد إنتخى الرجال في تلك المحافظة الرابضة على شغاف الروح في جنوب القلب والوطن، فكانت مدينتهم ضحىً ومضارب عسكر، وهي تستقبل الذين ظلّوا قابضين على جمر العروبة..
معان.. بوابة الفتح للصحابة الكرام، ومحطة آل البيت الهاشمي الكريم.. نكتب على برقٍ جنوبيٍّ يحمل معه السلام إليها، وهي حجر الأساس في جدار الوطن البهي، وأهلها القابضون على الثوابت الوطنية الأردنية، مسلكهم الفعل الناجز والإنتماء وعشقهم الطاهر للمجد المسكون في القيادة الهاشمية الأبية، والنشامى فيها كما قال عنهم جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين: "عظام الرقبة".. وهم عهدهم ووعدهم الذي ما تغير وما تبدل، بأن يبقوا حراسا لشجرة آل البيت حتى تبقى تأتي أكلها ثمرا طيبا مباركا.
ونحن نستنشق شذى عطر الثورة العربية الكبرى، تشرق فينا "معان" التي وصلها  الأمير عبدالله الاول "طيب الله ثراه" كما تشير المعلومات يوم 21 تشرين الثاني من عام 1920 وبمعيته كوكبة من الأشراف الكرام.. شاكر بن زيد، وعلي بن الحسين الحارثي وأخوه محسن، وعبدالرحيم اللهيمق، وحسين الشقراني، وجعفر بن فتن وأخوه منصور وعقاب بن حمزة وخمسة من الأشراف العبادلة بالإضافة إلى الشريف محمد علي البديوي واخرون. 

 ويصف كتاب "ألوان من الشعر النبطي في الأردن وما حوله" لمؤلفه الباحث والأديب مصطفى الخشمان إستقبال أهالي معان لجحافل الثورة والعربية، وشرف اللقاء بالأمير عبدالله الأول بالقول: ما زال أهالي معان يذكرون العرضة التي أقيمت عند قدوم الأمير عبدالله الأول بن الحسين إلى معان عام 1920م ، حيث أصطف الرجال على جانبي الطريق وهم يلوحون ببنادقهم وبسيوفهم ويهزجون:
شد الحرايب يا لشريف.. لا يرتخي مسمارها
وأبوك قبلك ما يخاف.. يفرح ابشبه نارها
يا أمير صوت للشباب.. يوم تجينا تزحم
لباسة الشمغ الحمر.. ذباحة ما ترحم

في غضون ذلك.. وإذا اشتد القصيد في تعاليل "المعانية"، فإنهم يرفعون بيارق التحدي، ويلوحون ببنادقهم والنخوة المنذورة للعرش الهاشمي النبيل منذ فجر التأسيس ويهزجون :
مزنة هللت برعود.. تحسب البرد صيفية..
يا محلى تعلِّق البارود، على إكتوف "الهاشمية"
إلى أن يرددوا: "لا تحسبونا نسينا الحرب، ذلينا، وإحنا مع الحرب عنقرنا طواقينا".

إذا.. يحق لمعان وأهل معان أن يفاخروا بمدينتهم، ويحق لكل أردني أن يعتز بهذه المدينة، التي كانت إحدى بوابات الفتح الإسلامي لبلاد الشام ومحمل الحج الشامي، لأن معان هي مدينة التأسيس ومدينة الأردنيين ومدينة الهاشميين، والمدينة التي حفر أبناؤها صفحات مضيئة في تاريخ الدولة الأردنية، وهي مدينة سكة الحديد ومدينة الجيش والناس الذين إلتقوا فرسان الثورة العربية الكبرى، التي أطلقها الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه، وحمل لواءها أبناؤه من بعده.

معان ستبقى نخلة الدولة الأردنية المثمرة بالمعرفة والرجال المخلصين والعالية والمخضرة في حديقة الهاشميين، وستبقى في وجدان الأردنيين جمعياً، لأنها أهدت الوطن ذاكرته الأولى، وصحيفته الأولى، ورعيله الأول.. ستبقى على عهدها ووعدها.. هاشمية الهوى.. أردنية الهوية.. تزهو بالوفاء والولاء على صوت العزوة: 
عبدالله.. حنا عزوتك.. نفديك بدم رقابنا..
Kreshan35@yahoo.com