حضور مهني مميز في مناطق 48

جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة

انتزع الصيدلي د. رياض إغبارية، الأستاذ الجامعي، ابن فلسطين، من مناطق 48، وساماً رفيعاً من منظمة الصيادلة، تسلمه من رئيس المنظمة د. إيال شبارتسبوغ، خلال انعقاد مؤتمرها السنوي الـ21 في شهر أيار الماضي.

وقد جاء حرفياً ما هو مكتوب على رقعة الوسام ما يلي:

«تمنح منظمة الصيادلة بالبلاد وسام المنظمة لسنة 2023، لـ:

البروفسور رياض إغبارية لمساهمته الكبيرة لتعزيز مهنة الصيدلة في البلاد، وتطوير البرامج الأكاديمية، والتدريب المهني لقطاع الصيدلة».

مكسب حقيقي ملموس، تقدير عالي المستوى، فرض حضور لمهني، أدى دوراً كما جاء في دوافع وقرار منح الوسام: مساهمته الكبيرة لتعزيز مهنة الصيدلة، وتطوير البرامج الأكاديمية المهنية لقطاع الصيدلة.

إذن لم يكن الوسام، انعكاساً لمجاملة أو لتسويق فكرة عدم وجود تمييز عنصري ضد الفلسطينيين من قبل مؤسسات المستعمرة، بل ثمة بروز موضوعي يكمن في نيل المهني الفلسطيني رياض إغبارية، وحصوله على هذا الوسام، فالمنظمة ليست حكومية، بل هي مؤسسة نقابية جماهيرية، لا تتبع سياسات حكومة المستعمرة، وخاصة حكومة نتنياهو الحالية الأكثر انغماساً بالتطرف السياسي والتشدد الديني، وانعكاس ذلك على سلوكها الرسمي في التعامل مع فلسطينيي مناطق 48: أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
نص كلمة الوسام تقول كلمة «البلاد» ولا تذكر كلمة «إسرائيل» وهي ملفتة للاهتمام، وأن دوافع منح د. إغبارية يعود إلى قدراته ومساهماته ودوره الأكاديمي في تطوير مهنة الصيدلة.
شعب فلسطين في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، يشكلون 20 بالمائة من عدد السكان، أي أنهم أقلية في بلدهم مقارنة مع اليهود الأجانب، الذين اجتاحوا فلسطين لأسباب عديدة تلتقي عند هدف واحد السيطرة على فلسطين بقوة التفوق وبالدعم الأوروبي سابقاً والأميركي لاحقاً.

ولكن هذه الأقلية العربية الفلسطينية فرضت تفوقها النوعي أكاديمياً ومهنياً وخاصة في مجالات الطب والصيدلة، وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 40 بالمائة من صيادلة المستعمرة هم من الفلسطينيين أبناء مناطق 48، وأن 38 بالمائة من أطباء المستعمرة هم من نفس الشريحة الفلسطينية.

لقد فرض التحدي والظلم والتمييز العبري الإسرائيلي اليهودي على الفلسطينيين، أن يتشبثوا بالبقاء والصمود في ثمانية مدن عربية كالناصرة وسخنين وأم الفحم وراهط، و58 قرية منتشرة على امتداد مناطق الكرمل والجليل والمثلث، وخمس مدن مختلطة هي: اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا.

وأن يتفوقوا أكاديمياً ومهنياً رغم العوائق التي واجهتهم في عدم دخول الجامعات الإسرائيلية، ولكن الحزب الشيوعي وفر لهم منح الدراسة سابقاً في جامعات البلدان الاشتراكية قبل عام 1990، وأدى الأردن دوره القومي في إسناد الشعب الفلسطيني في مناطق 48 عبر ثلاثة عناوين هي:

1- تأدية فريضة الحج، 2- تأدية مناسك العمرة، 3- فتح أبواب الجامعات الأردنية عبر منح ملكية تم تقديمها للأحزاب العربية ذات المصداقية: 1- الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، 2- الحركة الإسلامية، 3- الحزب الديمقراطي العربي، 4- الحركة العربية للتغيير، 5- التجمع الوطني الديمقراطي، 6- الحزب القومي العربي، 7- للطائفة الدرزية، 8- وللتجمع البدوي في النقب، عبر تقديم ثلاثين مقعداً جامعياً من مختلف التخصصات كمكرمة ملكية لكل حزب، بدأت منذ العام 1995 إلى اليوم.

النضال الفلسطيني من أجل انتزاع حق المساواة في مناطق 48 ضد التمييز والعنصرية، نضال متعدد الأشكال والأدوات والأساليب والعناوين، والتفوق المهني في الطب والصيدلة والحقوق والتربية، أحد هذه العناوين الكفاحية، وما نيل رياض إغبارية لهذا الوسام تقديراً لتفوقه، إلا تعبيراً عن هذا الخيار الكفاحي مدنياً ومهنياً.