نفرح لتركيا ومعها
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
نفرح لتركيا، ومعها ولها، ونحسدها على ما فعلته، وما أنجزته، وما وصلت إليه، في لجم أطماع الجنرالات ونزوعهم الفردي التسلطي، وانقلاباتهم المتكررة ضد إرادة الترك وخياراتهم نحو التعددية والاحتكام لنتائج صناديق الاقتراع.
خمسة انقلابات عسكرية، قام بها الجيش ضد الحكومات المدنية أو الحزبية، أدت إلى إعدامات، كما حصل مع رئيس الوزراء عدنان مندريس، واعتقالات بالآلاف، وتشرد مبعدين لاجئين خارج وطنهم :
خمس انقلابات الأول تم يوم 27/5/1960، والثاني يوم 12/3/1973، والثالث يوم 12/9/1980، والرابع يوم 28/2/1997، والمحاولة الخامسة الفاشلة يوم 15/7/2016.
نفرح لتركيا، لأن شعبها واحزابه رسّخوا الخيار الديمقراطي، ضد الانقلابات العسكرية، وباتت الانتخابات تقليداً، يصعب التراجع عنه، في ظل معطيات العصر الذي يتقدم نحو حقوق الإنسان واحترام خياراته، ونفوذ الاحزاب ومكانتهم بين مسامات شعبهم .
نفرح لتركيا سواء اتفقنا مع ما أفرزته من نتائج، أو اختلفنا، سواء اتفقت مع مصالحنا القومية، أو تجاوزتها، فالنتيجة أننا نستطيع التوصل إلى ما يمكن الوصول إليه من مصالح مشتركة ومنافع متبادلة، مع الشعب التركي وحكوماته.
نفرح لتركيا لأن دكتاتورية الجغرافيا، تفرض علينا أن نقبل بها وتقبل بنا، كما هي إيران وأثيوبيا، مهما اختلفت اولوياتنا، وتعارضت مواقفنا.
ونفرح لتركيا، ونحسدها لأن العديد من العرب، إن لم يكن أكثريتهم، يفتقدون خيارها، في أن يكونوا دولاً ديمقراطية عبر انتخابات رئاسية جدية حقيقية شفافة، أو عبر حكومات حزبية، أفرزتها نتائج صناديق الاقتراع.
قضايا شائكة، فرضتها التباينات مع تركيا سواء قضايا المياه مع سوريا والعراق، أو التدخلات التركية بشأن قضية الأكراد، أو غيرها من العناوين السياسية والأمنية، ومع ذلك تبقى قضايا الاتفاق نحو حُسن الجوار، والتاريخ المشترك، والقيم الإسلامية المتبادلة الممتدة تفرض نفسها للوصول إلى تفاهمات وقواسم مشتركة، تفرضها ديكتاتورية الجغرافيا والتاريخ والإسلام، كما هي مع إيران الإسلامية وأثيوبيا المسيحية.
نتطلع لعلاقات متطورة مع تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان، صاحب الخبرة، في التعامل مع القضايا العربية وفي طليعتها القضية الفلسطينية، وتعاطف الأتراك معها، وخاصة لحماية القدس والمسجد الأقصى، مما يجعل تركيا رافعة لقضية العرب المركزية في مواجهة شراسة المستعمرة الإسرائيلية وتوجهاتها التوسعية الاستعمارية المتطرفة.
الشيء المؤكد أن اردوغان بعد نجاحه، والتحدي الذي واجهه، سيكون مختلفاً في إدارته، ذلك أن حجم المعارضة سيتسع، ومثلما حظي بدعم وإسناد الأغلبية الشعبية، مررت فوزه، ستتسلح المعارضة بمواقف ومراقبات ومواقع، تضعه وحزبه في مواجهة تعقيدات سياسية واقتصادية، إذا لم يُفلح في تحقيق وعوده الانتخابية.