شاب أردني يروي للسياح قصص قوم ثمود

جفرا نيوز - يأخذ الشاب محمد ضميان بأيدي زائري محمية "وادي رم" سواء من المحليين أو الأجانب في رحلة يفتح من خلالها بابا على زمن قديم يعود إلى عصر الثموديين، حيث يُطلع من معه على تفاصيل حياتهم وقصصهم، مستعينا في ذلك بخبرته في قراءة أثارهم المنقوشة على الصخور.

وادي رم (الأردن) - مستعينا بلغة إنجليزية تعلّمها عن طريق الممارسة مع السياح بمنطقته "وادي رم" جنوبي الأردن، يصطحب محمد ضميان الزوار في رحلة إلى ما قبل الميلاد، لرواية قصص رسوم ونقوش أثرية بالمنطقة كتبت باللغة الثمودية. وضميان (39 عاما)، شاب أردني من سكان "وادي رم”، لم ينهِ دراسته الجامعية، لكن ذلك لم يقف عائقا أمام رغبته بالتميز عبر تعلّم اللغة الثمودية، ليصبح مرجعا للراغبين في استحضار قصص باتت في عداد النسيان.

وقال ضميان إن "الثموديين قطنوا المنطقة منذ مئات السنين قبل الميلاد، مستخدمين لغة لفظها عربي وحروفها مكتوبة بأبجدية عربية قديمة". ووصف لغة الثموديين بأنها "بائدة”، لكنه بدأ في تعلمها عام 2017، عندما التحق بمشروع لحماية التراث في محمية "وادي رم” لمدة ثلاث سنوات، على أيدي أكاديميين أردنيين، وإشراف خبراء أميركيين وكنديين مختصين بمجال البيئة والصخور.

وتقع منطقة وادي رم التي تبلغ مساحتها 74 ألف هكتار، جنوبي الأردن قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية. والمنطقة عبارة عن صحراء متنوعة التضاريس، وهي واحدة من أكثر الصحارى جمالا في العالم، تشمل مجموعة من الأودية الضيقة والأقواس الطبيعية والمنحدرات الشاهقة والطرق المنحدرة.

و”وادي رم” واد سياحي طبيعي يسمى أيضا بـ”وادي القمر”، نظرا لتشابه تضاريسه مع تضاريس القمر، وأدرجت محمية "وادي رم” في عام 2011 ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي بمنظمة اليونسكو.

وأشار الشاب الثلاثيني إلى أن "رم عبارة عن مكتبة مليئة بالصخور والحجارة المنقوشة بلغة الثموديين"، موضحا أنه "تم مسح من 15 إلى 16 ألف موقع بالوادي"، متابعا "أداة كتابة اللغة الثمودية كانت عبارة عن حجارة بازلتية وغرانيتيه، تتم على صخور أقل صلابة من النوع الرسوبي". ولفت إلى أن أكثر ما وجده على النقوش "عبارة عن أسماء أشخاص من قبيل سعد وعقربة وأوس وتيم، وعبارات عن الحب والاشتياق".

وكتابات "الثموديين بشكل عام تدل على طبيعة وتفاصيل حياتهم، فهناك صور لحيوانات وعناصر طبيعية كالشمس، وصور تحاكي معارك حدثت في المكان"، وفق ضميان، مضيفا "لغة الثموديين تضم 28 حرفا، بنفس عدد الأحرف العربية الفصحى".

ويعتبر ضميان نفسه "الوحيد على مستوى ’وادي رم’ ومحافظة العقبة (جنوب الأردن) القادر على قراءة اللغة الثمودية”، قائلا "بصراحة، الموضوع ليس بالأمر السهل، فأنت في حاجة إلى التأنّي في تركيب الكلمات والجمل، وصولا إلى المعنى المطلوب مما كُتب في النقوش”، مبينا أنه "على الرغم من أن الصخور التي عليها الكتابات ضعيفة، لكن العوامل الجوية ساهمت في تكوين طبقة صلبة تحفظ الكتابة".

وأكد إبراهيم صدقة، الباحث الأردني المتخصص باللغة الثمودية، وهو أحد معلمي ضميان، أن الأخير "أكثر من يجيد ويتقن قراءة هذه اللغة في 'وادي رم'"، موضحا أن "اللغة الثمودية تصنف بأنها من النقوش العربية الشمالية القديمة، وخطها مشتق من الخط المسند، وهو الخط الذي كتب به اليمنيون نقوشهم قبل الإسلام". وأضاف "تتألف اللغة من 4 أقسام، ونوع خامس مختلف عن البقية يطلق عليه الثمودية الحسمائية، حيث تعد نقوش ’وادي رم’ من هذا النوع”.

وعن محتويات النقوش، قال صدقة إنها تحتوي على "أسماء آلهة سكان المنطقة وعاداتهم وأسماء قبائلهم وأعمالهم اليومية والحياتية”، متابعا "اللغة الثمودية متصلة بالعربية الفصحى، من خلال بعض مفرداتها التي لم تذكرها المعاجم العربية، والتي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، واستمر استخدامها حتى القرن الرابع الميلادي". والنقوش الثمودية عبارة عن ملخص لحكايات وقصص العرب الثموديين، وتكمن أهميتها في كونها مصدرا تاريخيا للحضارات القديمة.

وتعكس اللغة في صحراء "وادي رم" تطور الحضارات القديمة، في ظل وجود ما يزيد على 25 ألف نقش صخري، معظمها ثمودي، وفق ضميان. وثمود هم قوم من العرب البائدة ورد ذكرهم في القرآن، وكانوا ينحتون الجبال لتكون بيوتا لهم، ويتخذون من سهولها قصورا لهم.