اليوم العالمي للامتناع عن التدخين
جفرا نيوز - بقلم إسماعيل الشريف
«لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع...» وذكر منها: «وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه» حديث شريف.
يحتفل العالم في 31 أيار باليوم العالمي للامتناع عن التدخين.
كان والدي - رحمه الله – يقول لي في محاولاته اليائسة لحضي على ترك التدخين: إنه كان مدخنًا في شبابه. ولكنه ذكر لي سببين مختلفين في مناسبتين مختلفتين لتركه التدخين؛أحدهما أنه رأى شابًا فقيرًا يلتقط أعقاب السجائر من الأرض لتدخينها – وأعتقد بأنها قصة فولكلورية – والثانية في حرب فلسطين عام 1948 عندما كشفتهم «جمرة سيجارة» أثناء محاصرتهم لإحدى المستعمرات، فأطلق المستوطنون عليهم النار فاستشهد بعضٌ من رفاقه.
مَن مِنا لم يسمع عن فرويد؟ الذي يعتبره الكثيرون أعظم طبيب نفسي في التاريخ، مؤسس علم التحليل النفسي، وأول من استخدم حلقات العلاج النفسي، صاحب نظريات شهيرة حول التطور النفسي الجنسي، والأنا والأنا الفائقة، وعقدة أوديب، والعقل اللاواعي، وتحاك حوله القصص والأساطير.
كم عالج مرضى من الاكتئاب الانتحاري، وكم منع البعض من الإقدام على الانتحار، ولكن مع هذا قد مات منتحرًا بسبب التدخين!.
كان فرويد مدخنًا شَرِهًا، كان يدخن العشرين سيجارًا يوميًّا، ومن طقوسه اليومية أنه يزور متجر السيجار لشراء سيجاراته.
في عام 1923 اكتشف لأول مره في فمه الأعراض الأولى لسرطان حميد، ونصحه الأطباء بضرورة الإقلاع عن التدخين إلا أنه رفض ذلك، وعلى مدار الستة عشر سنة اللاحقة خضع لأكثر من ثلاثين عملية جراحية في فكه، حتى إن الجراحين أزالوا جزءًا كبيرًا من فكه.
مع هذا استمر في تدخينه الشره!
في عام 1939 كان سرطان الفم في مراحله النهائية ولم يعد ممكنًا إجراءأية عمليات أخرى، وكان الألم لا يطاق، وبعد أن قرأ الرواية الفرنسية الشهيرة «الجلد السحري» التي تحكي قصة شاب يجد قطعة جلد سحرية تلبي له رغباته، ولكن كلما حقق له الجلد رغبة يُستهلك جزء من طاقته الجسدية، قرر الانتحار.
قال لطبيبه: «الآن هو عذاب ولا معنى له»، وطلب منه إعطاءه حقن مورفين لقتله، واستجاب له صديقه وأعطاه ثلاث حقن على ثلاثة أيام، فتُوفي في نومه، ثم أحرقت جثته ووضعت في إناء يوناني أثري أهدته إياه إحدى الأميرات اللواتي عالجهن من النزعات الانتحارية!.
وعندما توفيت زوجته عام 1951، حرقت جثتها ووضعت مع رماد زوجها في نفس الإناء.
من الطبيعي أن يمر اليوم العالمي لمكافحة التدخين خجولاً في بلد يتربع على عرش نسب المدخنين فيه عربيًّا، والسادس عالميًّا، فلا غرابة أن السرطان المرض الثاني القاتل في الأردن.
معظم المدخنين يتمنون لو تخلصوا من هذه الآفة، من تجربتي الشخصية حتى تترك التدخين يجب أن يكون لديك سببٌ قويٌّ تؤمن به، كان سببي أول مرة هو أن أترك التدخين من أجل عيون أبي، ثم اعتبرتها هدية لزوجتي، فأنا أعرف بأن ذلك يسعدها، وقد تكون بالنسبة لها سعادة تعادل أثمن الهدايا وأجمل الكلمات، ثم مع الوقت وجدتها هدية لأولادي، فبدلاً من «تضييع نقودي على الدخان» بالإمكان أن أمنحهم هذه النقود على شكل اشتراك في النادي الرياضي وكل مستلزماته، ثم مع الوقت عرفت أن استمراري في وقف التدخين هو مكافأة لنفسي وجيبي.
هذه كانت أسبابي، وأنت يا أخي العزيز ابحث عن دوافع قوية تجعلك تترك التدخين.