يوم القدس سيأتي فلسطينياً

جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة

 تستطيع المستعمرة أن تفعل ما تريد، فهي محمية بالقوة المدعومة، من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، وها هي مجموعة السبعة الاقتصادية المتطورة في اجتماعها في طوكيو تساوي بين الاستيطان والتحريض على العنف، ولا تنظر لاحتلال فلسطين على أنه عمل وبرنامج وتوجه ونتيجة: غير قانونية، غير إنسانية، غير أخلاقية، تتعارض مع قيم الأمم المتحدة وقراراتها التي هُم ساهموا بصياغتها، ومع حق الشعوب في تقرير المصير.

تستطيع المستعمرة أن تفعل ما تريد طالما أن الانقسام الفلسطيني متواصل بين سلطتي فتح وحماس، بين الضفة والقطاع، وبين القائمتين البرلمانيتين المشتركة والموحدة في مناطق 48، فالانقسام يصيب قوى الشعب الفلسطيني الفاعلة ضعفاً في مواجهة العنجهية والتفوق والاستفراد والعنصرية.

تستفرد المستعمرة بالمكونات الفلسطينينة بشراً وفصائل ومواقع، وها هي بعد فرض الهدوء مقابل الهدوء في غزة، تنتقل إلى مخيم بلاطة في نابلس لتستفرد به فتغتال وتقتل وتنسف وتفجر، ويرتقي الشهداء والجرحى والمعتقلون.

تستطيع المستعمرة أن تفعل ما تريد بعد أن نجحت بنفوذ الإدارة الأميركية في تفجير الحروب البينية العربية التي دمرت العراق وسوريا وليبيا واليمن وها هي تصل إلى السودان، بالعنف أو بالتطبيع، فكلاهما جزء من المشهد الذي يجعل من المستعمرة متفوقة، بدلاً من العزلة والقطيعة.

يستطيع بن غفير وأوباش المستعمرين الأجانب أن يقتحموا المسجد الأقصى ويدنسوه باستهتار، ويحتفلوا بذكرى احتلالهم للقدس، أولى قبلتي المسلمين، ومسرى ومعراج سيدنا محمد، وميلاد وقيامة السيد المسيح .

تستطيع المستعمرة في ظل هذه المعطيات أن تفعل ما تريد، ولكنها لن تملك الاستمرارية والشرعية وسيبقى مشروعها الاستعماري التوسعي فاقداً للقيم الإنسانية وللمعايير الأخلاقية، مهما احتفلوا، ومهما تفوقوا، ومهما قتلوا.
دققوا في ما قالوه، وما كتبوه عن احتفالهم بـ»تحرير القدس»:

كتب عكيفا نوفيك في هآرتس يوم 21/5/2023، مقالاً تحت عنوان «يوم القدس تحول إلى اليوم الأسوأ للمدينة»، ما نصه: «الصور القبيحة على هامش الاحتفالات بيوم القدس، والأغنيات العنصرية، ومظاهر العنف، كل ذلك يجب أن يقلق جميع منظمي الاحتفالات، يوم القدس تحول إلى عيد لقطاع معين: تافه وسياسي».

وكتب جدعون ليفي بنفس اليوم وبنفس الصحيفة، نصه:

«يوم قدس ليس يوما سعيدا، بل يوم كارثة، يوما ملعونا، المدينة لم يتم «توحيدها»، ولم يتم «تحريرها» بل تم احتلالها بالقوة مع سكانها، فـ40% من سكانها تحولوا رغم أنفهم إلى رعايا لنظام احتلال متوحش وعنصري، إذا ما الذي نحتفل به هنا في القدس؟».

لا أحد يتوهم أن القوة والغطرسة والعنصرية والاحتلال سيبقى قوياً ومنتصراً إلى الأبد، لندقق ونتذكر أفعال الولايات المتحدة في فيتنام، وفرنسا في الجزائر، وبريطانيا في مستعمراتها، والاتحاد السوفيتي في أفغانستان، كلها اندحرت وتم هزيمتها من شعوب ضعيفة باتت مستكينة في بعض الأوقات، ولكنها فاقت وتيقظت وانتصرت بتضحياتها وأفعالها ووحدة قواها وإرادتها.