حراك سياسي لـ 27 حزبا جديدا .. ونكهة يسارية وقومية عبر الشيوعي والبعث

 جفرا  نيوز -  صيغة «دعه يمر» قد تكون هي التي أنقذت الحزب الشيوعي الأردني العريق وفي الأيام الأخيرة عندما قرر جناح نافذ فيه الاشتباك والاقتحام ضمن مسار تحديث المنظومة الحزبية، الأمر الذي يعني تلقائيا الخضوع لمقتضيات ومتطلبات مرحلة تصويب الأوضاع وفقا لقانون الأحزاب الجديد.

لم يعد سرا حتى في أوساط شيوعيي عمان بكبارهم وشبابهم أن حزبهم العريق عبر بصعوبة بالغة وفي اللحظات الأخيرة وحصل على الشرعية والأهلية القانونية ضمن الإطار القانوني الذي تفرضه الأنظمة واللوائح على الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات.

النتيجة أن أحد أعرق الأحزاب في الماضي دخل في الشرعية القانونية وأصبح واحدا في حزمة حزبية جديدة في البلاد عددها 26 حزبا من 56 حزبا وجدت في الماضي القانوني.

تقلص عدد الأحزاب السياسية في الأردن، وتلك خلاصة قد تكون إيجابية على الطريق الذي امتدحته علنا القيادة الأردنية في الماضي بعدما اشتكى الجميع من زحام الأحزاب.

ولأسباب مفهومة تقول الحيثيات الباطنية والخلفية بأن الحزب الشيوعي وجد طريقة داخلية للنفاذ والجناح المعترض والذي لا يصدق كل الحكاية من كوادره سمح بالولاية الجديدة للجناح المتحمس لفكرة تحديث المنظومة.
طبعا ذلك حصل بدون ضمانات تتعلق بزخم جماهيري أو يمكنها أن تقود لتحصيل ولو مقعد واحد في كوتا الأحزاب البرلمانية بانتخابات عام 2024.

لكن حزبا نزيها وعميقا وتجربته تاريخية مثل الشيوعي ليس وحيدا في هذا السياق، فتعبيرات اليسار الحزبي برمتها واجهت طبعا مشكلات في الولادة والتشكل القانوني وحزب الوحدة الشعبية المعارض والذي يعتبر من الأحزاب العريقة في الساحة أيضا استطاع بصعوبة بالمقابل الحصول على وثيقة الولادة ضمن المنظومة الجديدة، الأفضل حالا في اليسار القديم لكن بنسبة بسيطة كان حزب الشعب الديمقراطي «حشد».

وبالتالي التشكيلات التي تحسبها دوائر السلطة كلما أرادت باعتبارها امتدادات لجبهات فلسطينية في الساحة موجودة، لا بل تصنف اليوم باعتبارها جزءا فاعلا في فكرة احتضان الدولة لليسار المعتدل مع أن بعض اليساريين الذين تقلدوا وظائف وزارية أو عليا في السنين القليلة الماضية أظهروا قدرة عجيبة على التلون والتحول باتجاه ما هو أبعد من الخطاب والادعاء والقرار اليميني المحافظ في تجربة لها ما لها وعليها ما عليها.

وعندما يتعلق الأمر بالتشكيلات الحزبية البعثية في الواقع الأردني عبر حزب البعث العربي الاشتراكي والمحسوب على النسخة العراقية من البعث من نفس الإسطوانة وأصبح حزبا شرعيا اليوم ضمن المنظومة، فيما تعثر في طريقه حزب البعث التقدمي الاشتراكي المحسوب على النسخة السورية من الفكرة والمنهج حيث لم يجد قادة هذا الحزب صيغة لتحقيق النصاب القانوني المطلوب في عدد الأعضاء.

دون ذلك وفي خلطة الحزب التقدمي الديمقراطي مصاهرة غير مضمونة النتائج لاحقا بين شخصيات وطنية بثقل اجتماعي ونكهات يسارية وفي قراءة خريطة الـ 27 حزبا جديدا لا بد من التوقف عند التباين بين أربعة أحزاب وسطية على الأقل ولدت 

وتشكلت وبامكانات لا يستهان بها لكنها بدون استثناء تواجه مبكرا سؤال التمويل والإنفاق بعد الآن.

حزب ميثاق تمأسس ونال حصة وافرة من الأضواء، وحزب إرادة الوسطي أيضا يتقدم، وحزب العمل يأمل ولأول مرة في 
مخاطبة قواعد العمال في المجتمع، وحزب الائتلاف الوطني الجديد ثمرة لحوار صاخب بين تلاوين تشمل منشقين عن الإخوان المسلمين وشخصيات طموحة.

وفي الجعبة الجديدة أحزاب صغيرة أخرى تحاول الولادة وتناضل للمزاحمة لكن لا تعرف عنها لا الأوساط السياسية ولا الشعبية الكثير.

بقي حزب جبهة العمل الإسلامي الأقوى والأكثر خبرة حتى الآن على الأقل، بقي في الصدارة حيث لا ازدواجية معايير ومنسوب التنافس الداخلي تحت سيطرة التنظيم وموارد مالية معقولة وحضور في الذهن الجماعي للناس عمره لا يقل عن 70 عاما.

تلك هي مؤشرات القراءة الأولية ، لكن التراتبية هنا قد لا تنطبق على معيار الصمود والبقاء والاستطالة لكل الأحزاب التي ولدت مجددا باستثناء جبهة العمل طبعا، وقد لا تنسجم أيضا بنفس المعايير مع وجود تدفق مالي وتمويلي لازم يديم البقاء والعمل، والأهم يستعد للانتخابات المقبلة حيث تسابقت جميع تلك الأحزاب للولادة والتشكل والتكوين لأن القانون ينص على وجود حصة مجانية قوامها ثلث مقاعد البرلمان المقبل للأحزاب فقط.

يحتاج جميع المراقبين إلى مهلة متابعة ورقابة وفسحة من الزمن لقياس المستجد بعد اعتماد الهيئة المستقلة.

والتقدير المبكر أن بعض الأحزاب التي سميت وعبرت قانونيا ليس شرطا أنها قادرة على البقاء والاستمرار والمنافسة، فيما الأحزاب التي لم تتمكن من الولادة لأسباب قانونية محض ليس شرطا انها ضعيفة ولا حول لها في الشارع كما انه ليس شرطا أنها غير مؤثرة عندما يقرع طبل الانتخابات بالحد المأمول من النزاهة والحياد.

القدس العربي