العدسات اللاصقة قد تكون "سلاحاً ذو حدين"


جفرا نيوز - كشف مختبر معتمد من قبل وكالة حماية البيئة الأمريكية عن أدلة لمواد كيميائية سامة تدعى PFAS أو "مواد كيميائية إلى الأبد” موجودة في 18 علامة تجارية مشهورة من العدسات اللاصقة، وقد تم نشر النتائج بواسطة مدونة تدعى مامافيشن (Mamavation) والتي تروج لنفسها على أنها "مصدر موثوق للأمهات اللواتي يبحثن عن توصيات لمنتجات غير سامة.”

بحسب تقرير نشرته المدونة، وترجمه موقع "صوت بيروت إنترناشونال”، فإن جميع العدسات اللاصقة التي خضعت للفحص تحتوي على آثار لمواد الفلور العضوية، وهي مؤشر لمواد PFAS، تتراوح ما بين 105 إلى 20,700 جزءا في المليون، ولكن، لم يعرف بعد ما إذا كان هذا يمثل خطورة على صحة المستهلك أم لا، حيث أن وكالة حماية البيئة تراقب مستويات PFAS فقط عندما ينتهي بهم المطاف بالتواجد في مياه الشرب، إضافة إلى أن الوكالات الفيدرالية لا تنظم أو تتابع التصنيع الفعلي لمعظم المواد الكيميائية الأبدية أو حتى تدرس تأثيراتها الصحية.


وقد تم مراجعة نتائج البحث من قبل بيت مايرز، كبير العلماء في مؤسسة خدمات الصحة البيئية التي تعد مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تعزيز فهم أفضل لكيفية ترابط صحة الإنسان والبيئة.

ويصرح مايرز لمدونة مامافيشن بأنه تجدر الإشارة إلى أن جميع العدسات اللاصقة التي تم اختبارها تجاوزت 100 جزءا في المليون، والذي يعادل 100 مليون جزء لكل تريليون، أو يمكن وصفه على أنه 50 ألف مرة أعلى من أعلى مستوى تعتبره وكالة حماية البيئة آمنا في مياه الشرب، في حين أن مقارنة مستويات الشرب الآمنة من PFAS بامتصاص العدسات اللاصقة تعد غير كاملة بطبيعتها.

ما هي الـ "PFAS”

وبالحديث عن PFAS (المواد متعددة الفلوركليل) فهي عبارة عن مجموعة مواد كيميائية صناعية مستخدمة على نطاق واسع ومقاومة للبقع والماء والزيت، مما يعني أن هذه المواد لا تتحلل بسهولة في الطبيعة.

وعلى الرغم من أن PFAS استخدمت بشكل منتظم لأكثر من نصف قرن في صناعة أواني الطهي الغير قابلة للالتصاق، مستحضرات التجميل المقاومة للماء، الملابس المقاومة للماء، أو الأقمشة المقاومة للبقع، إلا أنها في وقتنا الحالي متواجدة عالميا في مصادر المياه، الأمطار والتربة والحيوانات وحتى نحن البشر.


يسعى العلماء جاهدين لتحديد المخاطر التي يمكن أن تشكلها تلك المواد الكيميائية على صحتنا، كاللدائن الدقيقة، ولكن هناك سؤالين مزدوجين بحاجة إلى إجابة وهما: أي من مواد PFAS التي تزيد عن 10000 تعتبر خطيرة؟ وما مدى تركيز كل منها؟

لسوء الحظ، إننا نفتقر لإجابة واضحة على كلا السؤالين، ولكن ربطت الدراسات الحديثة بعض مواد PFAS بالسرطانات ومشاكل الجهاز المناعي، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى النظر في فرض حظر شامل لمعظم مواد PFAS. من جهة أخرى، خفضت وكالة حماية البيئة الأمريكية مؤخرا مقاييس السلامة لبعض المواد الكيميائية الابدية في مياه الشرب والتي تتراوح من 70 إلى ما بين 0.004 و 0.02 جزءا في التريليون. إن هذا التغيير الكبير يعني أنه يمكن اعتبار نصف سكان الولايات المتحدة الآن معرضين لتركيزات ضارة من المواد الكيميائية الأبدية. في عام 2022، أصبحت ولاية ماين أول ولاية قضائية في الولايات المتحدة تفرض على الشركات المصنعة الإبلاغ عن مستويات PFAS في المنتجات الغير أساسية، وقد حذت حذوها ولايات أخرى، ولكن العدسات اللاصقة لا تندرج ضمن فئة المنتجات غير الأساسية.

يعتبر التقرير الذي صدر عن مدونة مامافيشن مثيرا للقلق ليس فقط لأنه يوضح أن المواد الكيميائية الضارة المحتملة قد تتلامس مع ملايين العيون يوميا، ولكن إضافة إلى ذلك أنها كشفت عن هذه المعلومات من خلال مدونة الكترونية وليس وكالة حكومية.

يشرح تيرينس كولينز، عالم في جامعة كارنيجي ميلون، لمدونة مامافيشن أن البوليمرات الفلورية مثل PFAS تعتبر مواد رخيصة وفعالة للشركات المصنعة لاستخدامها في العدسات اللاصقة. ولكنه يشعر بخيبة الأمل بسبب افتقار المتطلبات الفيدرالية لفحص واختبار المواد الكيميائية. يقول كولينز: "لا يمكن لأحد اليوم أن يخبركم أن التعرض للبوليمرات الفلورية يعد آمناً، وذلك لأنه لم تطالب أي ولاية قضائية بتطوير وفحص اختبارات السلامة المناسبة. بل أنصح بتجنب استخدام هذه العدسات اللاصقة بشكل صارم.”

ولكن مطالبة الشخص العادي بتجنب استخدام PFAS في هذه المرحلة يكاد يكون مستحيلا، خاصة أنه توجد بدائل قليلة جدا لها. صحيح أنه من الممكن التوقف عن استخدام أواني الطهي الغير قابلة للالتصاق وغيرها من المنتجات الأخرى المعروفة باحتوائها على مستويات عالية من PFAS، خاصة على أجزاء الجسم التي يمكن أن تمتصها، إلا أنه دون وجود شفافية في الإبلاغ من الشركات المصنعة، سيكون من المحتمل أن نتعرض لمواد كيميائية إلى الأبد بشكل يخرج عن ارادتنا.

في أغسطس عام 2022، حذر بعض العلماء من أن العالم قد تجاوز عتبة أمان حرجة لاستخدام المواد الكيميائية الصناعية ذات الآثار الخطرة المحتملة. حتى إن بعضها يحمل نتائج كارثية.

إن الطريقة الوحيدة لمواجهة هذا التهديد هو من خلال تنظيف الأمطار والتربة والحيوانات والنباتات الموجودة على وجه الكرة الأرضية، إلا أننا لا نعرف كيف نفعل ذلك حتى اللحظة.