الأردنيون سعداء ولا يرون مجتمعهم سعيدا
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
تتجلّى حالة الانفصام التي نعيشها في ما أعلنه استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية قبل يومين من أن غالبية الأردنيين (75%) لا يعتقدون أن الأردنيين مجتمعٌ سعيد، وفي الحين نفسه يصف 62% منهم أنفسهم بأنهم سعداء. أي أن الأردنيين سعداء في المجمل، ولكنهم لا يرون مجتمعهم سعيدا، وهذا هو الانفصام البليغ. وإلا كيف يمكننا أن نقرأ المعادلة المتضاربة، إذا لم نأخذ في الحسبان أننا نعيش حالة انفصام وضياع وهو ما تشير إليه حيثيات الاستطلاع وخصوصا السياسية والاقتصادية منها.
الأصل أن الاستطلاع مخصص لقياس مدى رضا الناس عن حكومة الدكتور بشر الخصاونة بعد سنتين ونصف السنة من تشكيلها، والنتائج ظهرت كما ظهرت عليه خلال استطلاع المئة يوم الأولى من تشكيل الحكومة، وبعد مرور سنة، وسنتين، وكان وما زال التشاؤم سيد الموقف.
لهذا لا أعرف لماذا حشر مركز الدراسات بند استطلاع السعادة في معمعية استطلاعه عن حالة البلاد ومدى ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة، وأين يرون اتجاه البلد في قابل الأيام، مع العلم أن السعادة لا تقاس في العادة بمثل هذه الأسئلة المباغتة المبثوثة بين أسئلة تغمُّ البال وتهز البدن، بل لها مؤشراتها العلمية وخبراؤها وموازينها العالمية المعروفة.
أنا أرى السعادة حالة فردية شخصية، أكثر مما هي عليه حالة عامة تقيسها أسئلة هاتفية مباشرة. مع أنا السعادة في الأصل والمنطق يجب أن تكون مثل رقصة التانجو الشهيرة، أي يجب أن يكون معك شريك فيها. ولكني في هذا الزمن أخذت ألمس أن السعادة قرار شخصي قبل كل شيء، لا ترتبط بالماديات والملذات، ولا بالغنى أو الفقر، بل ربما هي أقرب ما تكون إلى الروحانيات. كما أنني مقتنع تماماً، أن على كل واحد منا، أن يكون وزير سعادة نفسه، خصوصاً في أزمنة الضياع هذه، وألا ينتظر من أحد أن يطبخ له كعكة السعادة، ويقدمها له على طبق بلور مع فنجان قهوة.
اليوم وفي ظل ما نحياه من احباطات يبدو أنه من الجنون أن تصرّح بأنك سعيد، غير شاعر بثقل أعمدة الخواء والغلاء والبلاء على رأسك وكريات دمك البيضاء منها والحمراء. والأكثر جنوناً أن تدخل يومك مقرراً أن تعيشه بسعادة، دون أن تلقي بالاً لكل من يتربّص بك، أو بما يواجهك من تحديات وضغوط. الله كريم.