تساؤلات حول مستقبل الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي
جفرا نيوز - بدأ اول ظهور لمذيعة الذكاء الاصطناعي «ابتكار» التي تُمثل هوية «معهد الجزيرة للإعلام»، في مقطع فيديو، على هامش منتدى الجزيرة الرابع عشر في الدوحة، ففي عصر التطور العلمي والتكنولوجيا بدأ المذيع الروبوت بالتسلل إلى الشاشة، هذا ليس غريبا اذ انه تمت في بداية السنة ولأول مرة في التاريخ مرافعة «لمحامي ربورت» يدافع عن انسان في أميركا، فما هو مستقبل الوظائف مع الذكاء الاصطناعي؟.
الآلة تشن حربا على الانسان
خبير التكنولوجي محمد مقدادي يقول ان الذكاء الاصطناعي كودات برمجية وهي عبارة عن بيانات يتم تغذيتها ببرنامج معين ويتم تطبيقه على روبرت او اسلحة او أجهزة كهربائية او غيرها من الأمور، فالكود البرمجي مع البيانات يؤهل الالة او البرنامج ان يتعلم لوحده ويتخذ قرارات، ويشمل القدرة على التحليل وحل المشاكل والاستنتاج لوحده وهذه مرحلة متقدمة ومتطورة من الذكاء الاصطناعي، ولكن للان لم نصل لمرحلة الاستقلالية الكاملة للآلة عن الانسان، كما انه يفتقر للمشاعر والعواطف.
ويحذر من ان للذكاء الصناعي خطورة، اذ يمكن ان تشن الالة حربا على الانسان اذا وصلت لمرحلة الاستقلالية بقرارتها عن الانسان، لتعتبر ان الانسان في طبقة أدنى منها، ولديها الحق في التحكم والسيطرة عليه، وسيشكل الذكاء الاصطناعي تهديدا من ناحية الوظائف، فسيفقد العديد من البشر وظائفهم خاصة القطاعات الصناعية المتخصصة بتركيب الآلات وحمل المواد.
يرى مقدادي ان الية تطبيق الذكاء الاصطناعي في القطاع القانوني ستكون اسهل من القطاع الطبي، خاصة ان القانون واضح وجمل القانون تكتب بطريقة تصف كل الحالة مما يجعل بعض الأمور التي يقوم بها المحامي قادرا على عملها الذكاء الاصطناعي.
سياسات واتفاقيات دولية
ويرى دكتور الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات في جامعة الاسراء حذيفة أبو حماد ان الذكاء الاصطناعي اذا وصل قطاع الاعلام والمحاماة سيهدد العاملين في هذه القطاعات من فقدان وظائفهم، فعلى سبيل المثال الكومبيوتر سيخزن كل المعلومات القانونية الواردة في الكتب واذا تم تدريب الـ Moodle على القانون الأردني والقضايا السابقة والقرارات التي تم اتخاذها سيصبح لدينا Moodle في المحاماة اقوى من المحامين الموجودين في الأردن. وبين ان الذكاء الاصطناعي هو العقلية التي تجعل الكومبيوتر يعمل او يتصرف بطريقة مشابهة للإنسان، وسيساهم في تحسين القطاع الطبي ومساعدة الطبيب على التشخيص بشكل اسهل، فالذكاء الاصطناعي سيقلل من الجهد الذي يبذله الطبيب في عملية تشخيص الامراض ولن يلغي وجود الطبيب، ولكن وفي جانب اخر سيؤثر على وظائف العاملين في بعض القطاعات الأخرى. ونوه أبو حماد الى الضرورة الملحة لوضع الاليات وسياسات واتفاقيات دولية لوضع حدود لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وان تتواجد منظومة أخلاقية في التعامل معه لان الموضوع اذا ترك للذكاء الاصطناعي بدون سياسات ومنظومة قوانين يمكن ان يشكل خطرا في المستقبل. وبين ان الذكاء الاصطناعي موجود على مواقع التواصل الاجتماعي فعند تصفح المستخدم لتطبيق الفيس بوك ومشاهدة البوستات، يسجل ماذا يرغب المستخدم في المشاهدة، فلو لاحظ البعض انه عند التوقف عند بوست لبيع سيارة مرة او مرتين، ستبدأ بعدها البوستات المتعلقة بالسيارات الظهور للمستخدم بشكل أعلى، أي ان الذكاء الاصطناعي يسجل للمستخدم معلومات هو لا يعرفها عن نفسه.
الشخصية المعنوية
ووجه المحامي الدكتور المختص بقضايا الامن السيبراني والذكاء الاصطناعي محمد المحارمة الى الضرورة الملحة للتحرك بوضع تشريعات كافية وملمة لقضية الذكاء الاصطناعي لان التحرك القانوني الذي يجري أبطأ بكثير من التطور الذي يحدث في العالم التقني، والتشريعات الموجودة في المنطقة تقليدية على الفضاء الالكتروني والذكاء الاصطناعي والامن السيبراني والجريمة الالكترونية. ولعل ابرز التعديلات القانونية تبرز في إضفاء الشخصية المعنوية على شركات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي كي يتمكن اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، كما ان قانون العقوبات يعاقب اذا جرت هذه الأفعال داخل الأردن وبما ان هذه التطبيقات تعمل من خارج الأردن فلا يمكن تجريمها بموجب القانون الأردني، فلا بد من وجود تشريع يجرم الأفعال او التطبيقات التي تعمل من خارج البلد، محذرا من ان العملة الالكترونية دخلت في الذكاء الاصطناعي بشكل كبير جدا ويوجد العديد من الأردنيين يتعاملون بها وللأسف التشريع قاصر فيها. وناقش المحارمة موضوع دخول الذكاء الاصطناعي للمحاماة، علما بان مهنة المحاماة هي علم وفن والذكاء الاصطناعي سيساعد في زيادة العلم والإنتاجية عند المحامي، لكنه من الممكن ان يوثر على عمل المحاماة من ناحية التفكير القانوني فلا يرتجل المحامي في بعض القرارات او القضايا لا سيما ان بعض الأشخاص يكتبون لوائح دعوة عن طريق احد محركات الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لمحام، لكن تكمن مشكلته ان التكيف لا يتناسب مع الوقائع، بالتالي يمكن ان تحتمل لوائح الدعوة عدم المصداقية مما يجعلها عرضة لجرائم الافتراء وشهادة الزور واليمين الكاذب، اذ ان المحامي يدرس القانون والواقع الذي يعيش الأشخاص فيه بينما محركات الذكاء الاصطناعي لا تدرس الواقع وهي مجردة من كل المشاعر والاحاسيس. وتساءل المحارمة عن المسؤولية القانونية التي تقع على مذيعة الذكاء الاصطناعي ابتكار في نقل الاخبار، اذ انها مجرد صورة (هولوجرام)، فأذا اخطأت كيف يمكن مساءلتها، لذلك يجب إضفاء الشخصية المعنوية عليها حتى نستطيع ضبط الذكاء الاصطناعي، ففي كل الأحوال هو برنامج مسؤول عنه شخص او شركة فالعقوبة ستكون على الشخص المعنوي سواء كان شخصا عاديا او شركة، وعلى الأشخاص الطبيعيين أي المهندسين او مدخلين البرامج والمحاميين.
صحافة الذكاء الاصطناعي
وبين المتخصص في علم الاجتماع الإعلامي الدكتور محمد خويله، ان المؤسسات الإعلامية يجب ان تسعى وسريعا بتفعيل وتبني التقنيات المتقدمة من الذكاء الاصطناعي، لتبقى تنافس وحاضرة في زمن سريع ومتغير بسبب الثورة التكنولوجية غير المسبوقة التي يشهدها العالم، فالأعلام واحد من هذه المجالات التي سيكتسحها الذكاء الاصطناعي بحيث لا يمكن توقع ما يمكن أن يحدث بعد عام او عامين، ذاكرا مثالا على ذلك، التطور الذي شاهده العالم قبل سنوات عند قيام وكالة الانباء الصينية (شينخوا) ببث حديث لأول مذيع افتراضي تم فيه دمج التسجيل الصوتي والفيديو في الوقت الحقيقي مع شخصية افتراضية من خلال تكنولوجيا محاكاة قدرات الانسان الذهنية وهذا الحدث بحد ذاته يعتبر تحديا للعاملين في القطاع الاعلامي ومصادر رزقهم. وفي عالم الصحافة ظهرت برامج وتقنيات انتاج وتحرير المواد الصحفية وبكافة اشكال فنون العمل الصحفي من اخبار وتحليلات وقصص اخبارية لتقدم تلقائيا الى الجمهور، ومن هنا يظهر التخوف من الذكاء الاصطناعي انه سيعمل على الغاء بعض هذه الوظائف التي يشغلها البشر من مذيعين ومحررين. وأشار الى انه ليس من المعقول تسريح العاملين من اجل توفير رواتبهم فالبشر بالرغم من التطور التقني في الاعلام لا بد ان يكون في صناعة الاعلام هو المحور الرئيس في توجه وتشغيل عالم الذكاء الاصطناعي، اذ ان صحافة الذكاء الاصطناعي تعتبر ثورة في صناعة الاعلام وسيكون المتلقي هو الحكم على المواد الاعلامية ليقرر مصداقية وصلاحية اي مادة بعد ان تتكون لدية الخبرة الكافية في التفريق بين الاخبار الكاذبة والصحيحة، ولكي تكسب ود المتلقي المطلوب من المؤسسات الاعلامية ان تقوم بمسايرة هذا الواقع المتطور والمتجدد وللمواءمة معه من خلال التحديث، والحصول على احدث التقنيات المتطورة في عالم الذكاء الاصطناعي، وبالمقابل يخسر من يتردد او لا يجاري حركة تطور اعلام الذكاء الاصطناعي.
وظائف جديدة
وقال الخبير الاقتصادي مازن ارشيد ان للذكاء الاصطناعي انعكاسات إيجابية وسلبية على سوق العمل، تكمن السلبية في ان العديد من المهن ستفقد اعتمادها على الايدي البشرية خاصة التي تعتمد على التحليل (دراسات، استشارات،أبحاث)بمختلف أنواعها، فبرامج الذكاء الاصطناعي تعمل على تطوير البرامج بشكل تدريجي حتى تصبح كفاءته مرتفعة بالتالي يمكن الاستغناء عن الايدي البشرية بشكل كبير. ويرى ارشيد ان الجميع سينخرط بمجال الذكاء الاصطناعي لما له من فائدة كبيرة على المجتمع خاصة في مجال التقدم الطبي، وتخفيف تكاليف الاستثمار من ناحية كادر البحث والدراسة ويوفر الوقت والتكاليف الاقتصادية على المستثمر بشكل كبير، وسنشهد وظائف جديد غير تقليدية في نفس المجال فالجامعات بدأت تدرس تخصصات الذكاء الاصطناعي لتكوين جيل جديد يخدم سوق العمل، ويعمل على تطوير برامج الذكاء الاصطناعي.
الدستور - غيداء الخالدي «متدربة»