الحديث عن إيران.. ليس سهلًا!
جفرا نيوز - بقلم د. زيد حمزة
ليس الان فقط بل منذ زمان طويل كان الكلام عن إيران يواجه خطوطًا حمراء لأسباب متنوعة، فحسب الذاكرة من اربعينات القرن الماضي عندما عادت الاميرة المصرية الجميلة فوزية من طهران بتكتم شديد حين طلقها الشاه، طُلب من الصحف عدم الخوض في الموضوع حتى لا يُفسَّر سياسيًا! والغريب ان هذه السحابة المعتمة من العلاقات بين العائلتين المالكتين ظلت -إعلاميًا على الاقل- تخيّم على البلدين، فيما الشعبان يعانيان مما هو أهم وأشدّ وأنكى، ففي إيران تخلُّفٌ وشظف في العيش رغم موارد النفط وحكمٌ فردي متعجرف يصعّر خده لمواطنيه كأنهم عبيده?وجهازه الأمني سيئ السمعة (السافاك) يقمع حرياتهم بقسوة مرعبة، وفي مصر تعترف حكومة احزاب الأقلية من الباشوات وبقايا الاقطاعيين دونما استحياء بان شعبها غارق في ثالوث «الفقر والجهل والمرض"!
عودة للحديث حصرًا عن إيران، فمع مرور الزمن تطوّر كثيرا المشهد الجيوسياسي اوائل السبعينات وانفجر خلافها الاهم مع العراق على شط العرب وتوسطت الجزائر بين الشاه وصدام لتوقيع اتفاق ظل معظمه غير معلن او غير واضح وبالتالي غير قابل للتعليق والتحليل، إلى ان أُطيح بالشاه في ثورة شعبية عام ١٩٧٩ بعد ان تخلت عنه حليفته اميركا حد رفضه لاجئاً سياسيًا فيها ولا حتى استقباله كمريض بالسرطان يبغي العلاج في مستشفياتها، وسرعان ما تحوّلت الثورة التي فرحت بانتصارها شعوب حول العالم الى ثيوقراطية الخميني والملالي ذات النهج الديني ا?شيعي العابر للحدود الوطنية وتنكرت لباقي قوى المعارضة، واشتبكت الاحزاب الاسلامية والقومية واليسارية في طول المنطقة وعرضها بنزاعات فكرية خفتت فجأة عام١٩٨٠ مع اندلاع حرب شرسة وتطايرت الاتهامات بين طرفيها الإيراني والعراقي فسمعنا بالبوابة الشرقية والأحقاد الصفوية ومن بعدها الهلال الشيعي، وقامت خلف الأستار اصطفافات عربية متنوعة اتسمت بالمصالح وتسربلت زوراً بالمبادئ.. وتغلغلت إسرائيل بين الصفوف! واستمرت الحرب ثماني سنوات وسماها بعض المعلقين حرب الاغبياء التي فاز فيها الغرباء، على رأسهم إسرائيل بخراب دولتين من أل? أعدائها في المنطقة، واميركا بتجارة اسلحتها! وظل الحديث عنها سراً لا يجوز الاقتراب منه خمسة عشر عاما، الى ان حلت بالعراق جهنم «ام المعارك» بالعدوان الهمجي الذي قادته اميركا عام ٢٠٠٣، ثم أتْبعته بالفوضى الخلاقة، ولم يكن ذلك بعيدا عن تصاعد التوتر بين ايران التي تُطور قدراتها النووية واسرائيل التي تنكر عليها ذلك لتبقى الدولة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط، واستمرت الولايات المتحدة تشيطن ايران بانها «الصفوية» العدوة التاريخية الاولى للعرب برغم عقيدتها الإسلامية والتغني بالحرف العربي في لغتها الفارسية واعتزازه? بالتراث المعرفي المشترك للامتين، وأخيرا موقفها الثابت المؤيد للشعب الفلسطيني، ثم جرى التخويف بالحوثيين كشيعة لتسويغ الحرب الظالمة على اليمن الفقير لسنوات تسع والتطبيع مع العدو الصهيوني بمستويات فاقت أطماع السماسرة واحلام العملاء!.
وأخيرًا، وسط دوي المدافع في حرب اوكرانيا المنذرة بالاتساع عالميًا مالم تتم العودة عن هيمنة القطب الاوحد، علا صوت السلام ولاحت في الافق بشائر صلحٍ بين الجارتين الخليجيتين محمولةً على وساطة صينية مقتدرة، رحّبت بها شعوب الأرض وغضبت إسرائيل واخريات!
وبعد.. هل انتهى الحديث عن إيران الذي لم يكن سهلًا باختزال تاريخ طاول الثمانين عاما في سطور معدودات محدودات أم إنه فتح الباب لأسئلة أخرى عنها محيِّرة مثل: كيف وهي المتقدمة في علوم الذرة والفلك مازالت تعتمد قناعاتٍ تخالف أساسيات تلك العلوم!؟.