ما هي قصة الشخص المهووس بلقب (سعادة الأمين العام ) ؟

جفرا نيوز  – د. محمد أبو بكر

قبل حوالي ثماني سنوات زارني أحد الأشخاص ، لم أكن على معرفه به من قبل ، حيث كان أحد الأصدقاء قد أبلغ هذا الشخص بالإتصال بي إذا ماكان يرغب بتشكيل حزب سياسي حسب القانون القديم الذي كان ينصّ على وجود خمسمائة مؤسس لزوم الترخيص .

التقيت بالرجل ؛ وقال لي حرفيا .. ودّي أعمل حزب !

فقلت له ؛ ما هو نوع الحزب الذي ترغب به ؟ هل تريده إسلاميا ، يساريا ، وسطيا ، معارضا ويلعن سنسفيل الحكومة ليلا نهارا ؟

فأجاب ؛ لا لا لا .. أريده حزبا وطنيا مؤيدا للحكومة !

فخاطبته حول إسم الحزب الذي يريده ، فأجاب بأنه يترك الأمر لي في اختيار إسم الحزب .

وخلال 48 ساعة كنت قد أنجزت ما هو مطلوب ؛ إسم الحزب والأهداف والغايات والنظام الداخلي وكيفية التشكيل القيادي .

أعترف بأن الرجل كان مهووسا لأن يصبح أمينا عاما لحزب سياسي ، يمتلك علاقات جيدة في مختلف المناطق ، وخلال شهر واحد فقط أنجز الأسماء المطلوبة منه ، وحصل على الترخيص ، وأصبح سعادة الأمين العام للحزب .

حضر إليّ بعد الترخيص مباشرة طالبا منّي العمل على تشكيل القيادة ، فطلبت منه عقد مؤتمر لإنتخاب القيادة ، فرفض ذلك ، وأعطاني أسماء خمسة عشر شخصا ، وقمت بتسميتهم كلّ في موقع معيّن ، هذا مساعد للأمين وذاك للشؤون الثقافية وآخر للمالية وهكذا.

في المساء اتّصل بي قائلا .. بأنّه نسي ثلاثة أشخاص مهمّين ويجب وضعهم في مناصب قيادية ، فأخبرته بأنّ النظام الداخلي ينصّ على خمسة عشر شخصا فقط ، فماذا يمكن أن نفعل بهم ؟ وأخيرا تمّ تعيينهم مستشارين للأمين العام ، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ ، فقد طلب منّي لاحقا تعيين شخص مهمّ جدا بالنسبة له ، وعدم تعيينه سيسبب إحراجا كبيرا لسعادته ! حيث تفتّق الذهن عن فكرة تعيينه كبيرا للمستشارين في الحزب !!

الحزب المذكور انتهى من الساحة السياسية تماما بعد أن فاجأني باندماجه في حزب آخر قبل حوالي خمس سنوات ، وانتهى أمر ذلك الحزب ، وللأسف ليس هذا الحزب الوحيد الذي قمت بتأسيسه لآخرين ، بل هناك حزب آخر سنتحدث عنه لاحقا .

الحمد لله على القانون الجديد الذي سيعمل على فرز الغثّ من السمين ، ويضع الأمور الحزبية في نصابها ، لعلّنا نشهد حياة حزبية مختلفة تماما خلال الفترة القادمة ، وسامحوني على ما اقترفت يداي بحقّ الحياة الحزبية الماضية !