داودية يكتب : عجايب

جفرا نيوز - بقلم العين محمد داودية

 نشاهد ونقرأ، إدراجات ذات "دوزٍ" عالٍ، يرسلها أشخاصٌ لم نعهدهم في المعارضة، ولا كانوا من مناضلي الحريات والمدافعين عن حقوق المواطنين، ولم يكونوا يوما في العير أو النفير، بل هم دوما في صفوف الانتهازية السياسية.

في السوشيال ميديا يختلط الرويبضات بالزِّلم الغانمة، ويلتبس الأمرُ ويشتجر، كاختلاط الزبد بالخاثر.

المثير للاستغراب هو أن يتتبع العاقلُ الجاهلَ، وأن يتبع الكبيرُ الصغير !!

لقد نقش كبارُنا وشماً على جدار الحكمة حين قالوا: "الحق مش عالهامل، الحق على اللي بلحق الهامل !

نحن، من يساهم في تهبيط الذوق العام بمتابعة العرّاطين والفشّارين، والإستماع إلى زعبراتهم.

لقد جعلنا من النكرات المصابين بالهشاشة المعرفية والقيمية والأخلاقية والوطنية، زعماءَ وقادةً، ننتظر إطلالتهم و"تعليلتهم" وتعليقاتهم التي تحمل أقذع الإساءات.

واختلفت متطلبات الزعامة والقيادة، فأصبحت أن يشتِمَ "المتزعّمُ" النظامَ والبلادَ، بصوتٍ مُقرقعٍ وبمفردات مبتذلة، فالمصداقية ليست من متطلبات تأهيله، تكفي الشتائم ونُتف الحقائق للحصول على صولجان الزعامة ومقود القيادة.

قال أجدادنا الأميون "نعتب على الذيب ما نعتب على الواوي، نعتب على الذيب اللي رافق الواوي".

فالعتب على "بتوع المدارس" الذين أصبحوا يشتغلون ببغاوات عند النكرات، فهم لا يكتفون بالإصغاء للغثاء والرغاء، بل يعيدون تعميمه بإخلاص وانتشاء !!

رأيت شخصية معدودة عند ربعها، تمشي خلْف أحد المذهونين، فأصابني الذهول.

اتصلت به وقلت: والله لو أنني رأيت الذي تتخذه قائداً لك وقدوة، "يصب القهوة" في ديوان أهلك، لعتبت عليك !!

ورأيت معارضين محترمين صلبين، يلتزمون الصمت والتفرج، في حالات تستدعي الإدانة والفضح !!

النظام ليس بلا أخطاء وعيوب. نحن نراها ونؤشر عليها وننتقدها، كما إننا لا ننتقص من انجازات بلادنا ولا نغمطها، وهي انجازات نعلم أنها هائلة تطال مختلف مناطق ومرافق الوطن.

والإفراط في الموالاة مؤذٍ وضارٌ، وهو يعادل الإفراط في السلبية والعدمية والتشاؤم.

النقد السياسي ضروري، كما هي المعارضة البنّاءة، وقد قلت: "إن المعارضة ضرورة وليست ضررا".

أمّا الشتم والذم ودلق السواد على البياض وتشويه الإنجازات والتنمر على الوطن وابتزازه، فليس عملاً نزيهاً أو أخلاقياً، وليس عملاً سياسياً.