هل يستطيع «الأوروبيّون» كبح التقارب.. الصيني - الروسي؟

جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

بوصوله ظهر اليوم/الخميس ترافقه رئيسة المفوضية الأوروبية/اُرسولا فون ديرلاين و"60"رئيساً لشركات فرنسية بما في ذلك شركة ايرباص والشركة الوطنية للكهرباء، يكون الرئيس الفرنسي/ماكرون «ثاني» مسؤول أوروبي رفيع يحط في العاصمة الصينية/بيجين (سبقه إلى ذلك الخميس الماضي 30/ 3 رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز), دون اهمال الزيارة اللافتة في توقيتها وجدول أعمالها التي قام بها المستشار الألماني/شولتس يرافقه رئيس المجلس الأوروبي/شارل ميشيل أواخر العام الماضي.

صحيح أن جائحة كوفيد/19 أسهمت من بين أمور أخرى في إبطاء وتيرة الزيارات بين قادة الصين ودول الاتحاد الأوروبي، إلاّ أن «الهجمة» السياسية والدبلوماسية الأوروبية الراهنة على الصين عبر زيارات ميدانية, وأخرى ذات طابع إعلامي وتصريحات وتحذيرات تتعلق خاصة بدور الصين في الأزمة الأوكرانية, وانتقادات لعدم «إدانة» بيجين العملية العسكرية الروسية الخاصة، بل خصوصاً وقائع ونتائج زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ لروسيا, وما رافق أول زيارة قام بها الزعيم الصيني بعد انتخابه رئيساً لدورة ثالثة, من توقيع اتفاق?ات تزيد من حجم الشراكة الاستراتيجية الـ"بلا حدود» بينهما, على أكثر من صعيد اقتصادي وتجاري وبخاصة سياسي (إذ بدت كجبهة مُناهضة للغرب) كذلك أمني وعسكري (بمعنى مناورات مشتركة وصفقات أسلحة وتدريبات).

ذلك كله زاد من قلق الأوروبيين الذين يُساورهم القلق أيضاً من «أنانية» الولايات المتحدة واستثمارها التجاري/والسياسي والعسكري في الأزمة الأوكرانية, على حساب الاتحاد الأوروبي، رغم ما يبدو أنه «انسجام» في الرؤى والمقاربات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

زيارات المسؤولين الأوروبيين سواء ماكرون في زيارته الحالية أم رئيس الوزراء الإسباني كما المستشار الألماني, إضافة إلى أُرسولا فإن ديرلاين وشارل ميشيل, بدت في الظاهر وكأنها تروم «استمالة» الصين في الملف الأوكراني, وخصوصاً الحؤول دون بيجين ومزيد من التقارب مع موسكو. وأكثر ما أخافهم ويُخيفهم هو ذهاب الصين قدماً في تقديم مساعدة «عسكرية» لروسيا, الأمر الذي سيترتب عليه تداعيات ومُتغيّرات استراتيجية, قالت الرئاسة الفرنسية: أنه في حال اتّخذت الصين هذا القرار «المشؤوم»، سيكون له تأثير كبير على النزاع, مُضيفة أنها «تُ?يد تجنّب الأسوأ».

خطوة كهذه حال قرّرتها الصين, يمكنها أن تقلب أو تأتي بمعادلات وموازين قوى جديدة, لن يكون بمقدور أوروبا – التي يجري الصراع الأوكراني على أراضيها – دفع أكلافه واستحقاقاته الباهظة على أكثر من صعيد, حتى لو واصل حلف شمال الأطلسي تمدّده ودخل من «بابه المفتوح» لمن يرغب أكثر من دولة, كما حصل مؤخراً بانضمام فنلندا حاملة البطاقة «31».

على المقلب الآخر لا تغيب الأهداف الأوروبية هذه عن أذهان صنّاع القرار في الصين, الذين ترتبط بلادهم بعلاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية عميقة ومُتشعبة.. أُفقياً وعامودياً مع دول الاتحاد الأوروبي، وإن كان الاتحاد أبدى في الآونة الأخيرة رغبة بـ"ضبط» هذه العلاقات لأسباب سياسية في بعض الجوانب, عكسه تصريح لرئيسة المفوضية الأوروبية/أرسولا فون ديرلاين, حذَّرت فيه من «مغبّة» ان الكيفية التي ستستمر بها الصين في الردّ على «حرب بوتين»، ستكون «عاملاً حاسماً في مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبيجين»، كما أسباب أخرى?تجارية وثالثة بفعل الضغوط الأميركية, خاصة أن إدارة بايدن وَصفتْ مبادرة البنود الـ"12"الصينية لحل الأزمة الأوكرانية, بأنها «فخّ", مُحذرة أوروبا من الوقوع فيه.

من السذاجة الاعتقاد أن الصين التي تواصل تحذير واشنطن, ودعوتها بمغادرة عقلية الحرب الباردة وبناء الأحلاف العسكرية في المحيطين الهادئ والهندي، فيما تستمر واشنطن استفزاز بيجين في الملف التايواني وبحر الصين الجنوبي (ناهيك عن خطوات استفزازية اخرى من الاتحاد الأوروبي الذي يزور بعض المسؤولين فيه تايوان), وآخر استفزازات واشنطن هي اجتماع رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري/مكارثي مع رئيسة تايوان أمس الأربعاء.

نقول: من السذاجة الإعتقاد أن الصين يمكن أن تتراجع عن السياسة التي أعلنها الرئيس الصيني أمام المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الصيني. وإن كانت ستُبدي حذراً في عدم «تأزيم» العلاقات مع الاتحاد الأوروبي, كون جدول أعمال هذا الاتحاد مُختلفة «نسبياً» عن جدول أعمال إدارة بايدن, التي تروم «احتواء الصين» وترى فيها «التحدي الأكثر أهمية للنظام العالمي", واصرارها على أن الولايات المتحدة «لا بُدّ» أن تفوز بسباق التسلح الاقتصادي مع القوى العظمى, إن كانت تأمل في مُواصلة نفوذها على مستوى العالم. (كما جاء حرفياً في وثيقة «استرا?يجية الأمن القومي» التي تم طرحها نهاية العام الماضي).

kharroub@jpf.com.jo