محاكمة ترامب واختبار المؤسسات
جفرا نيوز - بقلم د. مهند مبيضين
رد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب على الاتهامات التي وجهت إليه من قبل مدعي عام منهاتن، كان برفض تلك الاتهامات، والتأكيد على أنه يتعرض لمؤامرة، وأن هناك من يحاول سرقة الانتخابات المقبلة عام 2024. وهو رد متوقع وموقف مفهوم في حالة الرئيس ترامب، الذي أدخل الجميع في ازمة حين كان رئيسا، وحين خرج من الرئاسة وحين قررت المؤسسات في الولايات المتحدة أنه مجرم ويجب محكامته.
ليست المسألة في شكل المحاكمة، وتوقيتها ولا في لائحة الاتهام، بل في المسار العام للتحقيق وفي التهم وفي اداء المؤسسات الامريكية في حدث نادر التكرار، وهو اليوم يدخل الخصم الروسي على خط الأزمة، حيث عبرت روسيا عن المحاكمة بأن مثول ترامب امام المدعي العام وتوجيه التهم إليه يعني ازمة في الليبرالية الامريكية.
تخشى روسيا مثل هذه المحاكمات، وهي غير معتادة على مقاضاة او توجيه التهم للرؤساء، وبالتالي أي نظام يسوده حكم الفرد من المتوقع له ان لا يرحب بمشهد وقوف الرئيس الامريكي أمام المدعي العام، خاصة تلك الدول التي كان ترامب على تقارب معها.
الأزمة التي سيخلقها ترامب مزودجة في حالة الإدانة، فهو سيربك مشهد الحزب الجمهوري أمام خصمة الديمقراطي، وإذا حصل على البراءة فإنه سيجني الكثير من التأييد الشعبي ويبدو كبطل (وهو كذلك في نظر اصحابه ومؤيديه) وهنا سيخسر الحزب الديمقراطي مواجهته، وبالتالي الخسارة متحققة على الجهتين، والرابح فقط هو المؤسسات القضائية إن كانت محايدة ومهنية.
ترامب لا يحظى إلا بـتأييد المستبدين، او من يرى في المنافس الديمقراطي شكلا آخرا للخيبة الامريكية، كما يحبه نتنياهو الذي لا يختلف عنه كثيرا، وها هو يقود دولة الاحتلال للهاوية، ويحظى ترامب بـتأييد آخرين مولعين بالفردانية وهوس الشهرة، ولنا ان نتخيل رجلا بحجم ترامب وجنونه حين يمثل امام قاضي المحكمة، فكيف سيكون المشهد حين يرد ترامب؟ قد لا يكون هناك سجال كما نتخيل، لكن بالتأكيد هناك هيئة دفاع عن ترامب تعمل بكل جد واهتمام، وهناك مؤسسات سوف تقول كلمتها بحق الرئيس الاكثر إثارة في تاريخ امريكا في القرن الحادي والعشرين.
خلال الفترة المقبلة سوف تتوالى فصول المحاكمة والتهم، ولكن ترامب لن يهرب او يخرج من وطنه، سوف يقاوم ويساجل ويجادل لأجل اثبات براءته، فهو يشعر انه يتعرض إلى مؤامرة واستهداف كي لا يعود رئيسا.
ترامب يبدو مضطربا، تصريحاته بضرورة عزل واقالة مدعي عام منهاتن، لم تختلف كثيرا عن رأيه بقاضي المحكمة التي ستنظر بالقضية وهو خوان مانويل ميرشان الذي يتولى ما سمي التحقيق في قضية «المال مقابل الصمت» ويعتبر القاضي ميرشان ذو خبرة كبيرة، حيث ترأس عام 2022 محاكمة في قضية احتيال ضريبي انتهت بإدانة المدير المالي لمنظمة ترامب ألن ويسلبيرغ، كما أمضى نحو عقد ونصف.
كما ينظر ميرشان، قاضي المحكمة العليا في مقاطعة نيويورك، في قضية جنائية ضد حليف ترامب ستيف بانون، الذي أدين بالتزوير وغسيل الأموال في قضية جمعية خيرية، وهو بهذا غير مرحب به عند ترامب الذي كتب يوم الجمعة على منصة «تروث سوشال» التي يملكها قائلاً إن القاضي ميرشان «يكرهني». وفي النهاية ستكون المحاكمة اختبارا للمؤسسات الامريكية مهما كانت نتيجتها.