«السادية» الاقتصادية


جفرا نيوز - كتب - عوني الداوود

رغم وجود نجاحات اقتصادية لدى الأردن - هذا البلد الصغير بالمساحة وعدد السكان - في كثير من المجالات والقطاعات وفي احلك الظروف والتحديات، نجاحات شهد بها القاصي والداني والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها البنك وصندوق النقد الدوليين وغيرهما، الا ان هناك من يتلذذ بجلد الذات وهو ما أسمّيه مجازا (السادية الاقتصادية).. والامثلة على النجاحات بمواجهة 
التحديات كثيرة ومنها:

- في الأزمة المالية والاقتصادية التي اجتاحت العالم ( 2008- 2009) هوت اقتصادات كبرى، وصمد الأردن.
- في مواجهة موجات اللجوء والنزوح، جراء الحروب في الاقليم استقبل الاردن اشقاء من العراق واليمن وليبيا وسوريا.. وصمد الاقتصاد الأردني ولا زال رغم تقاعس المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته خصوصا تجاه خطة الاستجابة للجوء السوري والتي تكلف الاردن سنويا اكثر من 2.5 مليار دولار، لا تتجاوز نسب التجاوب الـ33%، والباقي يتحمله الاقتصاد الأردني.
- صمد الاقتصاد الاردني بمواجهة تداعيات ما سمي بالربيع العربي.
-صمد الاقتصاد الاردني بمواجهة جائحة القرن بل جائحة كل العصور وهي «جائحة كورونا» والتي لا تزال تداعياتها تعصف باقتصادات كثير من الدول.
- وأخيراً.. صمد الاقتصاد الاردني بمواجهة تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وما نتج عنها - ولا زال- من تهديدات في الامن الغذائي وأمن الطاقة.
- حتى المشكلة الاولى التي تواجهها اقتصادات العالم حاليا وهي «التضخم» الأردن في منأى عنها قياسا بما يجري حولنا ولله الحمد.

كل ما سبق - وغيره الكثير- لم يأت بالصدفة فهو بفضل الله أولا، ثم بحكمة وحنكة قيادة جلالة الملك، ومتابعة الحكومات المتعاقبة، ودور القطاع الخاص بكافة تخصصاته، ودور المواطنين اولا وآخرا، فقد نجحت سياسات التحوط بمواجهة جائحة كورونا، وأثمر تنوع الاسواق ومصادر الاستيراد عن تجنب تداعيات الحرب في اوكرانيا،.. وفي كل ما سبق كانت كلمة السر في النجاح نجاعة السياستين( النقدية والمالية ) بتجاوز كل تلك التحديات.

ربط الدينار الاردني بالدولار منذ العام 1995 حافظ على قوة وجاذبية واستقرار الدينار الاردني في وقت نشهد فيه انهيارات لعملات كانت قوية في الاقليم وقد انهارت لاسباب عديدة في مقدمتها أخطاء في السياسة النقدية.
سياستنا المالية - وان اختلف أداؤها بين فترة واخرى - الا انها ومنذ نحو اربع سنوات - كانت ناجحة ومتناغمة مع السياسة النقدية بالتخفيف من تداعيات جميع الازمات على الاقتصاد الاردني وحسّنت من التحصيلات الضريبية دون فرض اعباء او رسوم ضريبية وجمركية على المواطنين.

اقتصادنا اليوم - ولله الحمد - يسير بالاتجاه الصحيح، وهو مؤهل لتحقيق الافضل بوجود رؤية تحديث اقتصادي عابرة للحكومات تهدف لرفع معدلات النمو وخلق مليون وظيفة حتى العام 2033، ولدينا مشاريع اقليمية كبرى مع الاشقاء في العراق ومصر ودول مجلس التعاون الخليجي، من شأنها ان توصلنا الى تكامل اقتصادي اقليمي يوفر فرص عمل ويخفف من معدلات البطالة.

لدينا قصص نجاح في: السياحة والسياحة العلاجية والدينية تحديدا ومؤخرا سياحة الافلام والمغامرات وغيرها، ولدينا قصص نجاح في الصناعات : الدوائية والمحيكات والكيميائية والغذائية وقد ارتفعت صادراتنا الى معدلات تاريخية وهي تصل لاكثر من 140 بلدا في مقدمتها سوق الولايات المتحدة الامريكية،..لدينا قصص نجاح في قطاع تكنولوجيا المعلومات والريادة والصناعات الابداعية، ولدينا اسواق مالية يتقدمها قطاع البنوك والمصارف العمود الفقري للاقتصاد الاردني الذي نجح 
بمواجهة جميع التحديات وبشهادات عالمية حسّنت بشهاداتها من التصنيف الائتماني للاقتصاد الاردني وللبنوك الاردنية.

لدينا ولدينا.. ورغم كل ذلك لدينا في المقابل مؤشرات وارقام مقلقة ومزعجة في عجز الموازنة وارتفاع المديونية وارتفاع معدلات البطالة..ولكن ما اريد ان اخلص اليه ان لدينا من النجاحات - رغم تواضع الامكانات - ما يفوق الاخفاقات التي حتى نتغلب عليها لا بد من تجاوز السوداوية او «السادية « بجلد ذات اقتصادنا وصروح الوطن الاقتصادية الشامخة التي تشغّل أبناءنا وبناتنا..لسنا افضل اقتصاد في العالم لكن اقتصادنا من الافضل في مواجهة التحديات والاكثر حكمة وحنكة وحصافة بادارة الازمات -وهذا بشهادات دولية.