رمضان في مصر حاجة ثانية.. والسر بالتفاصيل - صور
القاهرة/ جفرا نيوز/ محمود كريشان
بداية.. وفي سياق تحقيق «جفرا نيوز» يجب ان نعلم ان «رمضان» فى مصر هو «شهر الصين العظيم» حيث يعتبر الشهر الفضيل موسما رائجا لتجار الصين حيث يُقبل التجار في مصر قبل حلول رمضان على إستيراد «لوازم الشهر» مثل الفوانيس والمسابح وسجاجيد الصلاة وكذلك هو شهر إستيراد الياميش وهو شيء أساسي على المائدة المصرية في رمضان المبارك.
*رمضان كريم يا حلو..
في رمضان تنهض مجددا الأغنيات الخاصة بالشهر الفضيل ومنها الأغنية الشهيرة: وحوي يا وحوي.. رمضان كريم يا وحوي.. وأصلها فرعونى، وهو ياحوو ياحو «القمر» عند الفراعنة.. كذلك أغنية «أهو جه يا أولاد»، بالإضافة إلى «رمضان جانا» لـ»عبد المطلب» و»تم البدر بدري وبعودة يا رمضان لـ»محمد قنديل» وغير ذلك من تقاليد غنائية مخصصة لإستقبال الشهر الكريم.
في مصر العظيمة، هناك ثمة عادات وتقاليد متوارثة في إستقبال شهر رمضان الفضيل مبكرا، حيث تكتظ منذ هذه الأيام كافة مناطق مصر بشكل عام و"القاهرة" على وجه الخصوص، مهرجانات التسوق الرمضانية، وقد نصبت سراديق مزكرشة ومزينة بمطرزات تتعلق بمورثات دينية وشعبية، مزينة بفوانيس رمضان المضيئة ويعلوها الهلال المشرق وباشكال عديدة تدخل البهجة الى روح من ينظر اليها.
وتتنوع مقتنيات الشهر الفضيل لدى الشارع المصري بشراء التمور وانواع الياميش والزبيب بالاضافة لفوانيس رمضان المتنوعة، والمسابح وسجاجيد الصلاة، ودمى الأطفال المتحركة، والتي تطلق الغناء الشعبي المعتاد خلال الشهر الفضيل مثل: حالو يا حالو.. رمضان كريم يا حالو.. وتحلو بعد الصوم .. وما إلى ذلك من مورثات غنائية شعبية إعتاد عليها الأطفال هناك، لتكون رمزا للفرح في إستقبال شهر الخير.
*فوانيس وحكايات
ورغم ما يتم إستيراده من الصين، إلا أن مدينة القاهرة من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها صناعة فوانيس رمضان خاصة في منطقة «تحت الربع» القريبة من حي الأزهر القاهري الشهير ومنطقة بركة الفيل في السيدة زينب الشعبية، وهي من أهم المناطق التي تخصصت في صناعة الفوانيس، التي يتراوح سعر الواحد منها بين 30-500 جنيه مصري بما يعاد 3-50 دينارا اردنيا.
وفي رمضان يتم وضع الفانوس المصري في الشوارع والأزقة ويظهر بوضوح عقب الإفطار وعند قدوم «المسحراتي» حيث اعتاد الأطفال على حمل فوانيسهم ومصاحبة المسحراتي ليلاً لإيقاظ الناس من النوم لتناول وجبة السحور، مرددين النشيد الجميل: «إصحى يا نايم..وحّد الدايم»..
وتشير المعلومات الى ان المصريين هم أول من إستخدموا فانوس رمضان وذلك في العهد الفاطمي، إلا أن هناك العديد من القصص والروايات حول بداية استخدامه، فتقول احدى الروايات أن بداية استخدام الفانوس، كان مرتبطاً بيوم دخول المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة قادما من الغرب، وكان ذلك في يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية، وخرج الناس هناك في موكب كبير إشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية من ناحية محافظة الجيزة للترحيب بالمعز الذي وصل ليلاً، وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق له، وهكذا بقيت الفوانيس تضيء الشوارع حتى آخر شهر رمضان لتصبح عادة يلتزم بها المصريون كل سنة، ويتحول الفانوس رمزا للفرحة وتقليداً محببا في شهر رمضان.
*مائدة مصرية
ونظرا لتميز رمضان المبارك في المطبخ المصري بمأكولات عديدة أبرزها الفول وهو الطبق اليومي المداوم تاريخيا على موائد المصريين وكما يردد الشيخ إمام في قصيدة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم المُغناة «اللحمة والفول» والتي تقول: "عن موضـوع الفـول واللحمـة صـرّح، مصـدر قـال مسؤول، إن الطـب إتقدم جـداً، والدكتـور محسـن بيقـول، إن الشعـب المصـري خصوصـاً، من مصلحتـه يقـرش فـول، حيـث الفـول المصـري عمومـاً، يجعـل من البنـي آدم غـول، يدّيـك طاقـة وقـوة عجيبـة، تسمـن جـداً تبقـى مهـول.. مارأيـك ياكابتـن محسـن؟.. مـش بالذمّـة كـلام معقـول"!..
ولأن مصر «أم الدنيا» تتمييز بسحر جوها ونضارة أرضها وأصالة شعبها، لذلك فإن مصر تاريخيا لها طقوس في رمضان تشتهر بها، وتشتهر بأطباقها الشهية مثل البامية باللحم الضاني والبيتلو والملوخية بالفراخ واللأرانب، والحمام المحشي، والمحشي ورق العنب وأطباق المكرونة بالباشاميل، والسمبوسك وصينية البطاطا بالفراخ، وطبق السلطة الشهير والمعمر، بالإضافة لأهم ألأطباق الرمضانية لدى الشعب المصري الطيب وهو «طبق الطرشي» أي المخلل. وكما جرت العادة يبدأ المصريون افطارهم الرمضاني بمشروب مبرد في شهر الصيف وهو «العرقسوس» نظرا لتميزه في أنه يمنع العطش نهاراً في الصيف، ونظرا لأسعاره الشعبية جدا، فيما يتناول البعض مشروبات أخرى مثل الكركدية و «قمر الدين المانجو».
في المائدة الرمضانية المصرية الشوربات حاضرة دوما مثل «شوربة لسان العصفور» و»شوربة العدس»، اما «الياميش» والمكسرات فتستحوذ على نصيب كبير سواء في مأكولات المصريين جميعها من خلال الحلوى التي عادة ما تكون الكنافة أو البقلاوة والكنافة والقطايف والتي يتم حشوها جميعها بالمكسرات والياميش، فيما يحتل «الخشاف» حضوره اللذيذ بين الأصناف التي تعتمد على الياميش كمشروب ومأكل يستهوي الجميع.
عموما.. حري بنا القول أن رمضان فى مصر شهر «تلقيط الرزق» فقلما تجد رصيفا أو شارعا، ليس عليه بائعاً يبيع منتجاً رمضانياً شعبيا أو حاجة من حاجيات البيوت، مع التأكيد الى العادات والتقاليد التي تحرص على حرمة الشهر الفضيل، حيث تقوم كافة المطاعم بغلق أبوابها، الثلث الأخير من النهار وذلك لتقديم بعض الوجبات الجاهزة وبعضها يغلق نهائياً طيلة ايام الشهر الفضيل وكذلك المقاهي ومحال الكوفي شوب فلا تفتح أبوابها الا بعد آذان المغرب وتبقى تلك الأماكن تعج بالزبائن إلى موعد السحور
ختاما.. فإن روح التسامح والمحبة والإخاء هي أبرز ما يتميز به المجتمع المصري الطيب تتجسد في صور عديدة من ضمنها، الموائد الرمضانية للشخصيات المهمة، وهي مائدة بابا الإسكندرية والتى يدعو إليها البابا شيخ الأزهر وكبار رجالات الدين والدولة المسلمين، فى تأكيد على روح التسامح والوحدة الوطنية، ورسالة صادقة تؤكد نبذ الفتنة الطائفية والكراهية.. ..
مجمل العشق: كل سنة وانت طيب يا أفندم، كل عام وإنتم طيبين.. وفقا للهجة المصرية المحببة على القلوب العاشقة لأرض الكنانة "حماها الله" وادام خيرها ونيلها وأرضها وشعبها وجيشها وقيادتها.. اللهم آمين..
Kreshan35@yahoo.com