الشريف يكتب : رمضان

جفرا نيوز - كتب - إسماعيل الشريف

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31]

يحل علينا شهر رمضان المبارك هذا العام، والعالم يمر بأزمة غذاء عالمية.
أسعار المواد الغذائية في «العلالي»، بسبب حرب أوكرانيا والتغير المناخي، وبدأت دولٌ في العالم تعاني من مجاعات، وبحمد الله وبمنة منه فنحن أفضل من الكثير من دول العالم.

هو جرس إنذار لنا لنتغير نحو الأفضل، أن نقدر ونحافظ على ما لدينا من نعم، وأن نوزعها بعدالة، فمن العيب أن يبحث البعض عن طعامهم في حاويات القمامة، وآخرون يهدرون طعامًا يكفي إطعام أحياء كاملة، اسأل من يهدر طعامه: ما جدوى صيامك؟ ثم أقول له: اعلم بأن ما تقوم به حرام.

إليكم بعض الأرقام المرعبة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية عن هدر الطعام:
- 1.3 مليار طن من الطعام تهدر في العام، أي ثلث الطعام المنتج في العالم!
- لو كان هدر الطعام هذا دولة لكانت ثالث دولة في إنتاج الكربون بعد الولايات المتحدة والصين.
- ما يهدر من طعام يكفي لإطعام دول شمال إفريقيا.
- 40 ٪ من الطعام المنتج في الدول المتقدمة يرمى قبل أن يصل إلى الأسواق.
- 40 ٪ من الخضار والفواكه تتلف في الصين.
- تقدر قيمة الهدربـ 1.2 تريليون دولار.
- هذا الهدر يستهلك 20 ٪ من المياه العذبة والأراضي الصالحة للزراعة في العالم، ويساهم بـ 270 طن من الاحتباس الحراري.
- مطاعم الوجبات السريعة لوحدها تهدر 16 مليار كيلو من الطعام.
ويضاف إلى هذه الأرقام أن هنالك كلفة للتخلص من النفايات.
كأردنيين يجب أن نشعر بالحرج، منا من يهدر الطعام وجارنا ينام على معدة خاوية!
نستطيع أن نفعل شيئًا.

يبدأ الحل بالاعتراف بالمشكلة، وتغيير عقليتنا برفض فكرة الهدر، وإطعام الطعام، فكل شخص يهدر طعامًا مقابله شخص يعاني.

علينا التخلص من فكرة الوفرة، تذهب إلى الأسواق وهي ممتلئة بأصناف الطعام، وإلى 
محلات الخضار لتشتري فواكه الصيف في الشتاء والعكس، هل سألت سؤالاً: كم يهدر منها وهي في طريقها لمائدتكم؟ وكم نرمي من الخضار الطرية أو الموز الذي بدأ التحول للون الأسود؟

تسوق بهدف وليس لأجل التسوق، اشتري طعامك من المنتجين الأردنيين، تجنب الأطعمة المبالغ في تعبئتها، خطط لوجباتك، عود نفسك على أكل «البايت»، ابتعد عن الأكل الصناعي، إذا كنت ستشتري شيئًا لن تأكله لا تشتريه، المأكولات لا تتلف بمجرد انتهاء صلاحيتها، خزن الأطعمة التي تعيش مثل البقوليات والمعكرونة، تبرع ببواقي الطعام بشكل نظيف معبأ، فهنالك العديد من المؤسسات الخيرية التي تقوم بتوزيعه.

قال مرة الرئيس المصري بأن ثلاجته لم تحتوِ إلا على المياه، في الثقافة المصرية جزء كبير من الشعب يشتري طعامه يوميًّا، ففعلا لا تجد في ثلاجتهم شيئًا، هذه الطريقة ستحقق وفرًا كبيرًا لن يقل عن 30 ٪.

الدور الأكبر يقع علينا، وهنالك دور آخر يقع على المؤسسات الحكومية المسؤولة، فآن الأوان بتشريع قوانين تحد من إهدار الطعام، فالولائم الكبيرة التي تهدر فيها الأطعمة بشكل مبالغ يجب ألا تمر بدون حساب، ويجب تشجيع التسميد الطبيعي من خلال دفن الفضلات في الأرض بحيث قد تلزم الشركات والمحلات الكبرى بتوفير ذلك، وتشجيع المصانع على إعادة استثمار جزء من أرباحها في التقليل من الهدر، وإطلاق الإجراءات اللوجستية التي تحد من الهدر.

في رمضان هذا فلنحاول تطبيق حديثي رسولنا الكريم: ((أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام))، و((لا تُسرِف ولو كنت على نهرٍ جارٍ)).
وكل عام وأنتم بخير.