الأردنيون يودّعون مرحلة العسكر القديم ويستقبلون الأحزاب الجديدة
جفرا نيوز – د. محمد أبو بكر
يسير الأردن في خطى ثابتة ، لا تحتمل التشكيك ، فحتى اللحظة يمكن القول بأنّ الشعب الأردني في انتظار مرحلة جديدة في تاريخه السياسي ، هي مرحلة عاشها آباؤنا وأجدادنا قبل أكثر من ستين عاما ، وبالتحديد مع نهاية فترة الخمسينيات ، حين كان الأردن يزخر بأحزاب سياسية ، كان لها التأثير الكبير في القرار السياسي الأردني .
في تلك السنوات ؛ كانت الأحزاب السياسية صاحبة الصولات والجولات ، كانت هي صاحبة القرار ، وحين نستذكر الحكومة الحزبية الأولى والأخيرة في تاريخ الأردن ، نتذكّر طيّب الذكر سليمان النابلسي والزعيم عبد الحليم النمر الحمود ورفاقهما في الحزب الوطني الإشتراكي ، نتذكّر قوّة وتأثير الشيوعيين وكذلك البعثيين والقوميين .
هي فترة مضيئة في تاريخ الأردن السياسي والحزبي ، غير أن الظروف الصعبة التي عاشها الأردن بعد ذلك ، استدعت دخولنا في زمن عرفي ، طال أمده لأكثر من ثلاثين عاما ، وهانحن اليوم ندخل مرحلة ، قد تكون هي الأهمّ في التاريخ السياسي الأردني ، مرحلة تستوجب عودة الأحزاب السياسية للقيادة ، في ظلّ مناخ تسوده الثقة بالولوج إلى حالة حزبية جديدة ، وقد نجد أنفسنا إزاء حالات حزبية قوية وذات تأثير كبير .
أجزم ؛ ومن خلال المعطيات بأننا على وشك توديع مرحلة سياسية واستقبال أخرى مختلفة تماما ، فالعقود الثلاثة الماضية ، لم نشهد فيها فعلا حزبيا حقيقيا يمكن الركون إليه أو حتى الوثوق به ، تلك مرحلة غادرناها بكل محاسنها ومساوئها ، واليوم هي مرحلة الأقوياء فقط .
كل المعطيات تؤشّر على أننا مقبلون على شهرين حاسمين ، ومع انتهائهما ، سندخل تلك المرحلة التي ستحمل في ثناياها كل ما هو جديد على الساحة السياسية ، والتي ستشهد ، حسب التوقعات ، ولادة أكثر من عشرين حزبا سياسيا ، استطاعت أن تضع أقدامها بصورة ثابتة ، وتدرك بأن ما ينتظرها تحديات قد تصل لمرحلة مواجهة الصعاب والصراع السياسي الذي سيكون مختلفا تماما .
تحضيرات تجري على قدم وساق ، تقوم بها بعض الأحزاب التي نشهد تأثيرها الكبير اليوم ، استعدادا للإنتخابات البرلمانية المقبلة ، سواء تمّ إجراؤها هذا العام أو العام المقبل ، فالفترة في كلتا الحالتين قصيرة ، وقد تأخذ جهودا مضاعفة من قيادات هذه الأحزاب ، فالهدف هو الوصول تحت قبّة البرلمان بنواب حزبيين ، في خطوة ستمثّل نقلة نوعية وهامة تجاه تحديث وتطوير الحالة السياسية .
وفي الجهة المقابلة ؛ فإنّ صاحب القرار يتابع ما يجري بدقّة بالغة ، ويعلم كم هي الحاجة للتغيير ، وأعتقد بأنّه يضع في الحسبان حاجة المواطن الأردني للتغيير ، سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية ، وربما يشهد نهاية أيار القادم الخطوات الأولى نحو الإنتقال للمرحلة التي ننتظرها جميعا .
فالمجتمع الأردني يتجه نحو العمل الحزبي ، والشباب الأردني يزداد حماسة في الوصول إلى مواقع قيادية حزبية ، فهؤلاء هم مستقبل العمل السياسي الأردني ، والإنتخابات النيابية المقبلة ستمثّل مؤشرا هاما على الرغبة في التغيير ، هذا التغيير الذي سيعمل على قلب كل المعادلات ، وربما انتهاء فترة ما يسمّى (الرموز) أو العسكر القديم ، الذي ينظر بعين الريبة إلى مستقبله الآخذ بالأفول لصالح جيل جديد سيحمل على عاتقه المئوية الثانية للدولة .