لكي نفهم إيران، ومصالحنا أيضاً
جفرا نيوز
حسين الرواشدة
هل يوجد أية مؤشرات جادة لتعبيد الطريق بين عمان وطهران من جديد، وهل ما ذكره وزير خارجية ايران، (حسين أمير عبد اللهيان)، مؤخرا، يصب بهذا الاتجاه، أم أن الكلفة السياسية المحسوبة ما زالت كبيرة، وبالتالي الباب ما زال « مواربا»، ولا يحتمل إلا عودة السفراء فقط ؟ الإجابات ما زالت معلقة، ولهذا دعونا نوسع فتحة الفرجار لكي نفهم الصورة بشكل أوضح.
حين زرت إيران قبل نحو (12) سنة كتبت في هذه الزاوية عن طهران التي تتكلم من فوق برج (ميلاد) وهو - لمن لا يعرفه- أحد أهم المعالم التي بناها الايرانيون بعد الثورة (يبلغ ارتفاعه 450 م ويضم حدائق ومتاحف..إلخ)، لم يخطر ببالي -ربما- ان صوت إيران الذي تخيلته، آنذاك، سيصل الينا بهذه السرعة، ويتحول الى (زلزال) يدك المنطقة بأكملها.
لا أخفي – بالطبع - إعجابي بما حققته إيران من انجازات صبت في رصيد مصالحها، كما انني اتفهم تماما المخاوف والهواجس التي تنتاب المواطن الأردني ( والعربي عموما ) من التمدد الايراني، ومن تدخلات طهران في سوريا و العراق واليمن و لبنان وغيرها، ( آخر استطلاع للرأي اشار الى ان 72% من الاردنين يشعرون بالعداء تجاه إيران) لكن بعيدا عن مشاعر الإعجاب والتخوف، ناهيك عن تبادل الاتهامات والاخطاء التي حصلت، اعتقد اننا لم نفهم ايران كما يجب، كما اننا لم نتعامل معها بمنطق «السياسة» التي تتقدم فيها المصالح على المشاعر، والأولويات والوقائع على الأمنيات والرغبات.
ايران، اليوم، ليست «الثورة» التي فجرها الخميني (1979)، وان كانت مناخات الثورة ما زالت حاضرة في شوارع كل المدن الايراينة، وربما في الخطابات التي تحفل بها وسائل الاعلام، ويرددها بعض الخطباء والمسؤولين هناك، ايران اصبحت «دولة» تتحرك بأنفاس «الامبراطورية»، ومسألة تصدير الثورة انتهت الى غير رجعة، واستعيض عنها بتصدير الدولة و»القوة» والنفوذ، وفرض النموذج المدعوم بالانجاز في كافة المجالات، وخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي الذي «نصّبها» طرفا مهما في معادلات المنطقة، ومنحها ما يكفي من «امتيازات» للتمدد والتزود والانفتاح على العالم سياسيا و اقتصاديا، وهذا –بالتمام- ما كان يفكر به ويتحمس له الايرانيون المعجبون بالغرب والمتشوقون للانفتاح عليه، وما يريده «الآيات» المشتغلون بالسياسة والبازار، وربما الحوزات، لتتويج ايران قوة عالمية، يحسب لها الف حساب.
لابد ا ن نفهم هذه الحقيقة حين ندقق في أية خيارات على صعيد علاقاتنا مع طهران، ذلك ان اختزال طهران في زاوية العداء والخصومة التاريخية، او في زاوية التهديد او حتى في اطار المذهبية الشيعية، مع كل ما يبدو على السطح من صور التدخل الايراني في المنطقة، ومحاولات شيطنة طهران، واذكاء مشاعر العداء بينها و بين محيطها العربي، هذا الاختزال ليس صحيحا اولا، كما انه بحاجة لاعادة نظر.
لا تحتاج طهران بالطبع لمن يدافع عنها، فقد انتزعت اعتراف العالم بها « كقوة» رئيسة في المنطقة، ولكننا نحتاج ان ندافع عن مصالحنا، وهذه المصالح لا تقوم على مبدأ «الحب» ولا باستعادة التاريخ المزدحم بصور الصدام، ولا – ايضا – بالتحديق في صورة «الاخر» بعيون الواقع الذي تغيرت ملامحه وشروطه، واصبح جزءا منه مفروضا على الجميع.
لابد ان نعتمد منطقا اكثر عمقا وادراكا لضمان افضل المكاسب واقل الخسائر، وهنا يبدو خيار التفاهم والتقارب مع طهران، عربيا و اردنيا، كما فعلت السعودية، وربما تفعل الاردن لاحقا، ( لكن وفق حسابات حذرة ومدروسة ومتدرجة، ربما) يبدو هذا الخيار واجب الوقت بامتياز، ليس، فقط، من باب «الرضوخ» لميزان القوى الذي تغير، وانما لان هذه المنطقة لا يمكن ان تستقر دون ان يتفاهم «الجيران» التاريخيون على المشتركات التي تمكنهم من العيش معا بأمن واستقرار، ودون ان يعترف الجميع بانه لا يمكن لقومية او دولة أن تستحوذ على الكعكة كلها، كما انه لا يمكن ان نظل أسرى لجراحات التاريخ وصراعات الواقع، لأننا عندئذ سندفن المستقبل، ومعه الأجيال القادمة، في مستنقع التاريخ والواقع المظلم.
حين زرت إيران قبل نحو (12) سنة كتبت في هذه الزاوية عن طهران التي تتكلم من فوق برج (ميلاد) وهو - لمن لا يعرفه- أحد أهم المعالم التي بناها الايرانيون بعد الثورة (يبلغ ارتفاعه 450 م ويضم حدائق ومتاحف..إلخ)، لم يخطر ببالي -ربما- ان صوت إيران الذي تخيلته، آنذاك، سيصل الينا بهذه السرعة، ويتحول الى (زلزال) يدك المنطقة بأكملها.
لا أخفي – بالطبع - إعجابي بما حققته إيران من انجازات صبت في رصيد مصالحها، كما انني اتفهم تماما المخاوف والهواجس التي تنتاب المواطن الأردني ( والعربي عموما ) من التمدد الايراني، ومن تدخلات طهران في سوريا و العراق واليمن و لبنان وغيرها، ( آخر استطلاع للرأي اشار الى ان 72% من الاردنين يشعرون بالعداء تجاه إيران) لكن بعيدا عن مشاعر الإعجاب والتخوف، ناهيك عن تبادل الاتهامات والاخطاء التي حصلت، اعتقد اننا لم نفهم ايران كما يجب، كما اننا لم نتعامل معها بمنطق «السياسة» التي تتقدم فيها المصالح على المشاعر، والأولويات والوقائع على الأمنيات والرغبات.
ايران، اليوم، ليست «الثورة» التي فجرها الخميني (1979)، وان كانت مناخات الثورة ما زالت حاضرة في شوارع كل المدن الايراينة، وربما في الخطابات التي تحفل بها وسائل الاعلام، ويرددها بعض الخطباء والمسؤولين هناك، ايران اصبحت «دولة» تتحرك بأنفاس «الامبراطورية»، ومسألة تصدير الثورة انتهت الى غير رجعة، واستعيض عنها بتصدير الدولة و»القوة» والنفوذ، وفرض النموذج المدعوم بالانجاز في كافة المجالات، وخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي الذي «نصّبها» طرفا مهما في معادلات المنطقة، ومنحها ما يكفي من «امتيازات» للتمدد والتزود والانفتاح على العالم سياسيا و اقتصاديا، وهذا –بالتمام- ما كان يفكر به ويتحمس له الايرانيون المعجبون بالغرب والمتشوقون للانفتاح عليه، وما يريده «الآيات» المشتغلون بالسياسة والبازار، وربما الحوزات، لتتويج ايران قوة عالمية، يحسب لها الف حساب.
لابد ا ن نفهم هذه الحقيقة حين ندقق في أية خيارات على صعيد علاقاتنا مع طهران، ذلك ان اختزال طهران في زاوية العداء والخصومة التاريخية، او في زاوية التهديد او حتى في اطار المذهبية الشيعية، مع كل ما يبدو على السطح من صور التدخل الايراني في المنطقة، ومحاولات شيطنة طهران، واذكاء مشاعر العداء بينها و بين محيطها العربي، هذا الاختزال ليس صحيحا اولا، كما انه بحاجة لاعادة نظر.
لا تحتاج طهران بالطبع لمن يدافع عنها، فقد انتزعت اعتراف العالم بها « كقوة» رئيسة في المنطقة، ولكننا نحتاج ان ندافع عن مصالحنا، وهذه المصالح لا تقوم على مبدأ «الحب» ولا باستعادة التاريخ المزدحم بصور الصدام، ولا – ايضا – بالتحديق في صورة «الاخر» بعيون الواقع الذي تغيرت ملامحه وشروطه، واصبح جزءا منه مفروضا على الجميع.
لابد ان نعتمد منطقا اكثر عمقا وادراكا لضمان افضل المكاسب واقل الخسائر، وهنا يبدو خيار التفاهم والتقارب مع طهران، عربيا و اردنيا، كما فعلت السعودية، وربما تفعل الاردن لاحقا، ( لكن وفق حسابات حذرة ومدروسة ومتدرجة، ربما) يبدو هذا الخيار واجب الوقت بامتياز، ليس، فقط، من باب «الرضوخ» لميزان القوى الذي تغير، وانما لان هذه المنطقة لا يمكن ان تستقر دون ان يتفاهم «الجيران» التاريخيون على المشتركات التي تمكنهم من العيش معا بأمن واستقرار، ودون ان يعترف الجميع بانه لا يمكن لقومية او دولة أن تستحوذ على الكعكة كلها، كما انه لا يمكن ان نظل أسرى لجراحات التاريخ وصراعات الواقع، لأننا عندئذ سندفن المستقبل، ومعه الأجيال القادمة، في مستنقع التاريخ والواقع المظلم.