تركيا والزلزال الكبير
جفرا نيوز
ما انفكّت الذاكرة العربية، وبعد مائة عام على إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1923م، وإعلان قيام الجمهورية التركية، تستحضر الإرث والتاريخ المشترك بين العرب والأتراك، وهي علاقة راسخة لا انفصام لها، وتحمل من فصول الثقافة والاجتماع والاقتصاد والسياسة القيم الكبيرة، والإنجازات العظيمة والإرث الحضاري للدولة العثمانية في الأردن والمنطقة العربية، وفي القرن العشرين الطويل في مدى ذاكرته المشتركة بين العرب والأتراك، هناك الكثير من التاريخ المشترك بين جمهورية تركيا والدول العربية.
زلزال اقليم هاتاي أو الجنوب التركي والشمال السوري، كان اختبارًا لعظمة الدولة التركية ولقدرتها على الوقوف أمام أسوأ كوارث القرن الحادي والعشرين وأكثر الزلازل قسوة. إذ أبدت الحكومة التركية مسؤولية عظيمة تجاه سكانها الذين تضررت املاكهم، وأبدت الحكومة التركية ومؤسساتها الخدمية من بلديات ومستشفيات ونقابات وبقية مؤسسات المجتمع المدني استجابة كبيرة لتداعيات الأزمة.
حالة المتضررين في تركيا صعبة، ولكن ما يعوض عن الفقد والخسارة والدمار الواسع هو ان يرى المواطن دولة محترمة، تحاسب الفاسدين في البناء، ودولة ترعى أصحاب البيوت المدمرة، ودولة تقدم خطابًا معززًا بثقة كبيرة في قدرتها على إعادة البناء والتعويض والمحاسبة وترميم المباني التراثية.
عام 1999، ضرب تركيا زلزال كبير، وكنت في زيارة مع منظمة اليونسكو بمناسبة سبعة قرون على قيام الدولة العثمانية، وآنذاك كان الزلزال موجعًا، وكانت الاستجابة له معقولة ايضًا، لكن الفرق بين زلزال الامس واليوم هو ما وصلت إليه الدولة التركية من نمو وتطور وتقدم في كافة القطاعات: المال والبناء والاقتصاد، ما مكنها بعد عقدين من حكم حزب العدالة والتنمية بأن تضاعف استجابتها للازمات التي قد تحدث، وهي استجابة مستحسنة مكنت تركيا من أنْ تنافس وأنْ تتصدر مشهد الاستجابة للازمات في العالم، فتركيا تمثل اختراقًا في المنظومة العالمية وتقدمًا باسم الإسلام والتاريخ الحضاري للأمة الإسلامية ونموذجًا متقدمًا للديمقراطية والمحافظة.
نعم نحن مدينون لتركيا، لما تقدمه من رعاية لكل من تضرر، ولكل من أصابه سوء جراء الزلزال، فتلك دولة تحترم مسؤولياتها ودورها وإرثها وتاريخها.