هكذا تختار الأحزاب قياداتها
جفرا نيوز
حسن الرواشدة
كيف تختار الأحزاب قياداتها ؟ أوافق القارئ الكريم إذا تحفظ على كلمة «تختار «، واستبدلها بأخرى، اعتذر -سلفا - إذا تطابق ما سأعرضه، لاحقا، مع أي واقعة حزبية جرت او ستجري، ثم فُهمت أنها المقصودة بذاتها، فأنا لا أتحدث عن حالة محددة، وإنما في إطار العموم (عموم البلوى إن شئت ).
أدرك -ثالثا - أن بعض الأحزاب ستشهد خلال الأيام القادمة مخاضات لولادة هيئاتها الإدارية الجديدة، ما أخشاه هو أن يتقدم صراع النفوذ والمقاعد على ما سواه من اهداف تتعلق بالمشروع، أو برضى الحواضن الشعبية، أو حتى بالحسابات السياسية التي قام على أساسها الحزب، في إطار حركة الدولة والمجتمع، و خدمتهما أيضا.
لدي أربعة نماذج او « بروفات» تضيء جانبا من الصورة، وتعكس كيف تفكر بعض القيادات الحزبية لانتزاع المقاعد القيادية، المسألة -بالطبع -لا تتعلق بالتنافس المشروع الذي تقرره الصناديق الانتخابية النزيهة، ولا - أيضا -بالتوافقات التي تستدعيها مصلحة الحزب وأعضاؤه، و إنما ترتبط، غالبا، بحسابات شخصية لها فواتيرها، قد تتطور إلى مناكفات تفرز انشقاقات واستقالات، والأهم أنها تصب بعكس الاتجاهات والمناخات المنشودة لإحياء الحياة الحزبية واقناع المتشككين بها بخطأ أحكامهم المسبقة عليها، الأمر الذي يتعارض مع مشروع الدولة الذي افتتحت به مئويتها الثانية.
النموذج الأول يمثله «هو الزعيم الضرورة»، غالبا ما يكون أحد المؤسسين، ويعتقد أن الحزب مشروعه الخاص، وانه الأولى بقيادته ورعايته، فلا مشروعية ولا مستقبل للحزب بدونه، وعلى الجميع أن يسخّر طاقاته لتنفيذ ما يراه، باعتباره الأدرى بمصلحة الحزب، والأقدر على القيام بها، ولأنه الضرورة والملهم والرصيد الاستراتيجي والأخ الأكبر، فإن اختياره لقيادة الحزب لا يجوز أن يمر بالقنوات المعتادة، الزعامة لا ترشّح نفسها، ولا تخضع للتنافس، ولا وقت لديها للدخول في توافقات مهما كانت، إنها مطلوبة لكي تتبوأ الموقع بلا نقاش، وربما تحتاج إلى جاهة سياسية من كبار أعضاء الحزب لانتزاع قبولها بتولي المسؤولية، عندها يصبح « التشريف» واجبا، والحفاظ على المسيرة مصلحة وطنية، وإذا تعذر ذلك، لأي سبب، فإن اوراق التهديد حاضرة، وعندها فإن مصير الحزب سيصطدم بالمجهول.
النموذج الثاني يمثله «الزعيم المموّل «، رأس المال الوطني يتحرك باتجاه فرض حضوره على المشهد الحزبي، فمن حق من يدفع أن يتكلم ويتصرف ويتمدد أيضا، ولأن اغلبية أحزابنا فقيرة، ومعظم أعضائها غير قادرين على تسديد ما عليهم من التزامات مالية، فإن «ولي النعمة»، أو المستثمر السياسي جاهز للمقايضة، وبالتالي الصناديق الانتخابية قد تكون مبرمجة سلفا لافرازه، على اعتبار أن استمرار الحزب ومستقبله مرتبط به، كما أن النفوذ المالي يجرّ نفوذا سياسيا، وبركة حين نضرب عصفورين بحجر واحد.
النموذج الثالث «الزعيم تحت الطلب «، بانتظار رسالة او أمر من مكان ما، يتحرك على الفور لطرح نفسه، قد لا يكون مؤمنا بالعمل الحزبي أصلا، ولا يملك أي مؤهلات سياسية أو حزبية، لا يهم، موضوع الزعامة وصفة جاهزة للترضية، او للاستخدام، او للتوظيف، أو في إطار الوصايات والاختيارات المدروسة، فجأة يهبط عبر الصناديق، أقصد البرشوت، ليتولى الموقع الحزبي بجدارة، ويقنع من حوله انه الخيار الأنسب، ولا احد يعارض، لأن الجميع يعرفون «الطبخة « و يبحثون عن مقاعد لهم حولها.
يبقى النموذج الرابع والأخير، وهو أفضل نموذج يمكن -بتقديري - أن نفكر فيه، إذا كان الهدف إنتاج أحزاب حقيقية، تحظى بثقه الدولة والمجتمع معا، نموذج «الزعيم الشاب»، الزعيم هنا تنصرف مجازيا، باعتبار أن هذا النموذج غير معلّق بفكرة الزعامة، وإنما بالخدمة العامة، وحمل المشروع الحزبي، وهو لا يمثل نفسه بقدر ما يمثل تيارا من الشباب « الشيّاله» الذين حملوا الحزب على أكتافهم.
المشكلة أن القيادات الديناصورية تتكاتف، في الغالب، ضده، بذريعة العمر أو نقص الخبرة، أو قد تذهب إلى شيطنته، لكن المؤكد أن ترسيخ مفهوم القيادات الشابة، بمواصفات ومؤهلات حقيقية، ثم التدقيق بأنها إفراز لحالة حزبية داخلية، عابرة لكل الوصايات والتدخلات، والتمويل والنفوذ الوراثي.. الخ، هو الطريق الاسلم لأي حزب يريد أن يتصدر المشهد، ويحظى بالثقة والتأثير، تبني هذا الخيار واجب الأحزاب أولا، ودعمه واجب على إدارات الدولة أيضا.
أدرك -ثالثا - أن بعض الأحزاب ستشهد خلال الأيام القادمة مخاضات لولادة هيئاتها الإدارية الجديدة، ما أخشاه هو أن يتقدم صراع النفوذ والمقاعد على ما سواه من اهداف تتعلق بالمشروع، أو برضى الحواضن الشعبية، أو حتى بالحسابات السياسية التي قام على أساسها الحزب، في إطار حركة الدولة والمجتمع، و خدمتهما أيضا.
لدي أربعة نماذج او « بروفات» تضيء جانبا من الصورة، وتعكس كيف تفكر بعض القيادات الحزبية لانتزاع المقاعد القيادية، المسألة -بالطبع -لا تتعلق بالتنافس المشروع الذي تقرره الصناديق الانتخابية النزيهة، ولا - أيضا -بالتوافقات التي تستدعيها مصلحة الحزب وأعضاؤه، و إنما ترتبط، غالبا، بحسابات شخصية لها فواتيرها، قد تتطور إلى مناكفات تفرز انشقاقات واستقالات، والأهم أنها تصب بعكس الاتجاهات والمناخات المنشودة لإحياء الحياة الحزبية واقناع المتشككين بها بخطأ أحكامهم المسبقة عليها، الأمر الذي يتعارض مع مشروع الدولة الذي افتتحت به مئويتها الثانية.
النموذج الأول يمثله «هو الزعيم الضرورة»، غالبا ما يكون أحد المؤسسين، ويعتقد أن الحزب مشروعه الخاص، وانه الأولى بقيادته ورعايته، فلا مشروعية ولا مستقبل للحزب بدونه، وعلى الجميع أن يسخّر طاقاته لتنفيذ ما يراه، باعتباره الأدرى بمصلحة الحزب، والأقدر على القيام بها، ولأنه الضرورة والملهم والرصيد الاستراتيجي والأخ الأكبر، فإن اختياره لقيادة الحزب لا يجوز أن يمر بالقنوات المعتادة، الزعامة لا ترشّح نفسها، ولا تخضع للتنافس، ولا وقت لديها للدخول في توافقات مهما كانت، إنها مطلوبة لكي تتبوأ الموقع بلا نقاش، وربما تحتاج إلى جاهة سياسية من كبار أعضاء الحزب لانتزاع قبولها بتولي المسؤولية، عندها يصبح « التشريف» واجبا، والحفاظ على المسيرة مصلحة وطنية، وإذا تعذر ذلك، لأي سبب، فإن اوراق التهديد حاضرة، وعندها فإن مصير الحزب سيصطدم بالمجهول.
النموذج الثاني يمثله «الزعيم المموّل «، رأس المال الوطني يتحرك باتجاه فرض حضوره على المشهد الحزبي، فمن حق من يدفع أن يتكلم ويتصرف ويتمدد أيضا، ولأن اغلبية أحزابنا فقيرة، ومعظم أعضائها غير قادرين على تسديد ما عليهم من التزامات مالية، فإن «ولي النعمة»، أو المستثمر السياسي جاهز للمقايضة، وبالتالي الصناديق الانتخابية قد تكون مبرمجة سلفا لافرازه، على اعتبار أن استمرار الحزب ومستقبله مرتبط به، كما أن النفوذ المالي يجرّ نفوذا سياسيا، وبركة حين نضرب عصفورين بحجر واحد.
النموذج الثالث «الزعيم تحت الطلب «، بانتظار رسالة او أمر من مكان ما، يتحرك على الفور لطرح نفسه، قد لا يكون مؤمنا بالعمل الحزبي أصلا، ولا يملك أي مؤهلات سياسية أو حزبية، لا يهم، موضوع الزعامة وصفة جاهزة للترضية، او للاستخدام، او للتوظيف، أو في إطار الوصايات والاختيارات المدروسة، فجأة يهبط عبر الصناديق، أقصد البرشوت، ليتولى الموقع الحزبي بجدارة، ويقنع من حوله انه الخيار الأنسب، ولا احد يعارض، لأن الجميع يعرفون «الطبخة « و يبحثون عن مقاعد لهم حولها.
يبقى النموذج الرابع والأخير، وهو أفضل نموذج يمكن -بتقديري - أن نفكر فيه، إذا كان الهدف إنتاج أحزاب حقيقية، تحظى بثقه الدولة والمجتمع معا، نموذج «الزعيم الشاب»، الزعيم هنا تنصرف مجازيا، باعتبار أن هذا النموذج غير معلّق بفكرة الزعامة، وإنما بالخدمة العامة، وحمل المشروع الحزبي، وهو لا يمثل نفسه بقدر ما يمثل تيارا من الشباب « الشيّاله» الذين حملوا الحزب على أكتافهم.
المشكلة أن القيادات الديناصورية تتكاتف، في الغالب، ضده، بذريعة العمر أو نقص الخبرة، أو قد تذهب إلى شيطنته، لكن المؤكد أن ترسيخ مفهوم القيادات الشابة، بمواصفات ومؤهلات حقيقية، ثم التدقيق بأنها إفراز لحالة حزبية داخلية، عابرة لكل الوصايات والتدخلات، والتمويل والنفوذ الوراثي.. الخ، هو الطريق الاسلم لأي حزب يريد أن يتصدر المشهد، ويحظى بالثقة والتأثير، تبني هذا الخيار واجب الأحزاب أولا، ودعمه واجب على إدارات الدولة أيضا.