مقترحات لتعديل قانون مهنة المحاسبة

جفرا نيوز

الأستاذ الدكتور محمد ياسين رحاحلة

من الواضح ان هناك تباين في وجهات النظر بين الأطراف ذات العلاقة بقانون تنظيم مهنة المحاسبة، حيث ابدى السادة النواب المشرعين بعض الملاحظات حول تعديلات القانون وما زالو يتداولون حول الصيغة النهاية لها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تضغط جمعية المحاسبين القانونيين (المدققين) لإصدار القانون بما يتناسب مع رغباتهم الخاصة، اما الاكاديميون، من جهة ثالثة، فيتبنون منحى مختلف يؤكدون فيه على ضرورة مشاركتهم في اعمال مهنة تدقيق الحسابات . وبالقاء نظرة شمولية على الموضوع والقيام بالتحليل اللازم للقوانين ذات العلاقة، ومن مطالة الجدل الصحفي الدائر والاتهامات المتبادلة التي ظهرت في وسائل الاعلام المتعددة، فانه من الضروري التنويه للحقائق التالية التي تعتبرا ساس وارضية للحوار لحل هذه الجدلية والتي يمكن للمشرع الاخذ بها لإصدار قانون مهني متطور.

 

أولا: ان يتضمن مشروع القانون المقترح مادة تنص على ان يتم ترخيص ومنح شهادة مزاولة مهنة تدقيق الحسابات من خلال جهة حكومية مستقلة ومحايده لضمان العدالة والموضوعية، وان يقتصر دور المحاسبين القانونيين (مدققي الحسابات) في إدارة المهنة نفسها وتطويرها ومراعاة حقوق المدقق بعد الحصول على شهادة مزاولة المهنه، وليس قبل ان يصبح الشخص مدققا وعضوا، فالجمعية يجب ان تراعي اهتمامات ومصالح أعضائها فقط، وان لا تتدخل في الأمور التي تتعلق بترخيص الافراد قبل ان يصبحوا من ضمن اعضاء الجمعية، ولذلك لا مبرر لإشراك ممثلين عن الجمعية في لجنة ترخيص مزاولة المهنة كما هو مقترح في مشروع القانون، لان ذلك سوف يفقد اللجنة استقلاليتها، ويهدد مصداقية المهنة، حيث لا يرغب اعضاء الجمعية بإدخال واضافة اي مكتب تدقيق جديد منافس لهم.

ثانيا: ان يتم تنفيذ امتحانات ممارسة مهنة تدقيق الحسابات من خلال ديوان المحاسبة، باعتباره الجهاز الرقابي المتخصص المحايد في المحاسبة والتدقيق، وعدم اقتصار دوره على الاشراف الشكلي، بحيث يتم وضع أسئلة الامتحانات وتصليحها وإصدار النتائج وارشفة الأوراق الامتحانية في الديوان وتعتبر فكرة اتمتة الامتحانات مناسبة لذلك، وان لا يتم عقد الامتحانات من خلال الجمعية

ثالثا: ان يتم اعتماد كتب ومراجع علمية محددة متخصصة تعتبر المنهاج الأساس والوحيد المعتمد لمواد الامتحانات التي ستعقد لغايات الحصول على شهادة مزاولة التدقيق، بحيث يتم الرجوع اليها لغايات الدراسة ووضع الأسئلة والتصحيح وان يسمح للمتقدمين المعترضين على صحة نتائج امتحاناتهم بقبول اعتراضاتهم والرجوع الى المراجع العلمية المعتمدة كأساس للبت في نتائج الاعتراض، وذلك لتحقيق مبدأ المساءلة والشفافية ضمن اطر الحاكمية.

رابعا: تضمن توصيات تعديلات القانون مقترح بإنشاء معهد معتمد للتدريب لغايات تأهيل الراغبين في الحصول على الترخيص المهني، والاسلم ان يتم ذلك من خلال معهد او مركز او قسم حكومي مثل ديوان المحاسبة او وزارة المالية او غيرها، حيث ستكون التكلفة اقل ما يمكن، اذ ليس من الصعب توفير قاعة وعدة اجهزة حاسوب لغايات التدريب، ويمكن الاستعانة بالمحاضرين المتخصصين من الجامعات او من أي جهة اخرى مناسبة مقابل مكافأة مالية وهذا امر متعارف عليه وسهل تنفيذه.

خامسا: ان يتم الرجوع الى قانون مهنة تدقيق الحسابات رقم (32) لسنة 1985 كأساس للتعديلات القانونية المتعلقة بشروط منح تراخيص مزاولة مهنة تدقيق الحسابات وامتحاناتها، كونه اوجد علاقة متوازنة بين المؤهلات الاكاديمية لحملة الدكتوراة وأعضاء الهيئة التدريسية والمدققين الحكوميين ومستويات خبراتهم العملية من جهة وبين متطلبات وشروط الحصول على ترخيص مزاولة المهنة وامتحاناتها من جهة اخرى. وهنا يمكن القياس من اجل اشتقاق واستنباط حلول مناسبة لأصحاب الخبرات والمؤهلات العلمية حول حالات وشروط التقدم للامتحان.

سادسا: اجراء فصل تام لمهنة و اعمال المحاسبة عن مزاولة اعمال التدقيق، حيث ان قانون مهنة المحاسبين القانونيين المؤقت قد جمع بين المهنتين، ومبرر ذلك كونه وبالرغم من الارتباط الوثيق للمهنتين، الا ان الأدوار الوظيفية مختلفة، فالمحاسب جزء من إدارة الشركات ويتبع تعليماتها، بينما المدقق شخص مستقل ومحايد ولا يرتبط بإدارة الشركة، بل يقوم بفحص قوائمها المالية التي اعدت من قبل اداراتها، ويصدر حكمه المهني ورايه المحايد فيها، وبالتالي فان عمل المحاسبين انشائي والمدققين عملهم فحص ومراجعة وتدقيق، فلا يجوز للمهني الواحد ن يعد القوائم المالية ويدقق عليها بنفسه.

سابعا: ان الإبقاء على ترخيص مكاتب التدقيق التي لم يتقدم أصحابها لاي امتحان وغير حاصلين على شهادة مهنية اردنية تخولهم ممارسة اعمال التدقيق، واعتبار ترخيصهم حق مكتسب، هو امر غير منطقي، حيث لا يمكن الاستمرار بالخطأ تحت غطاء القانون، لا بل يجب ان تتضمن مواد مشروع القانون مهلة لأصحاب هذه المكاتب لتصويب أوضاعهم بما يتوافق مع القانون المنتظر صدوره.

واخيرأ اتامل ان تكون بوصلتنا مصلحة وطننا الأردن تنظيم اقتصاده، وليس المصلحة المادية الفردية، والتنازع بين الأطراف لتحقيق العوائد المادية