عد رجالك وارد الماء …. ما هو المطلوب من الاردن ؟
جفرا نيوز
الدكتور عبدالمهدي القطامين.
يختزن هذا المثل الشعبي العديد من العبر واولها ان اي موازنة حقيقية للقوى تبدأ من عديدهم وقوتهم وجاهزيتهم لورد الماء الذي دونه خرط القتاد وحين يتزايد اللغط على الموقف الاردني الاخير من محاولة احتواء كل ذلك الموت الذي يعبث بالشعب الفلسطيني وفي ظل انقسامات حادة تعيشها فئاته المقاتلة والمسالمة وفي ظل نظام دولي عاجز عن قول الحق ينبري البعض ليشكك باتهامية واضحة من موقف الاردن تجاه ما يجري في المنطقة والاقليم والعالم من احداث صاخبة بل وينبري البعض ليدعو الاردن كي يوجه صواريخه العابرة للقارات الى امريكا واسرائيل معا وفوق ذلك ان يحرك ترسانته النووية لتضرب اهدافها المنتقاة ولعل في ذلك الكثير من الفانتازيا التي تصل حد البكاء .
هل يدرك البعض ممن يطلعون علينا من كل فج داعين الى خيار المقاومة وان تتبنى الاردن مثل هذا الخيار ان معادلة النظام الدولي او العالمي التي استقرت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ما زالت تلف حلقاتها حول عنق العالم كله وليس الاردن وحده وحين ارادت روسيا "ام ندهتين ” ان تخرج من هذا النظام العالمي باتت مضطرة لقتال العالم كله غربيه وشرقيه معا الا ما ندر .
وهل يدرك دعاة الحرب انه دائما اجمل ما في الحرب انتهاؤها وانها لا رابح فيها بل ان معادلتها مبنية على صعيد واحد ومعادلة واحدة خاسر – خاسر ولماذا يتناسى من يطلق سهام التشكيك في الموقف الاردني ان الاردن كان مضطرا بحكم المد القومي وارتفاع هوس الحرب التي لم يمتلك الكل مقوماتها الى خوض حربين خاسرتين وكان في كل واحدة منهما اول الداخلين فيها واخر الخارجين منها حتى لا يقال انه تخاذل او نكص على عقبيه ولعل من ذلك البعض من لا يدرك ان كتائب اردنية خاضت الحروب ولم يخرج منها احد بعد انحسارها فقد صعدوا شهداء الى بارئهم يشكون وقفة المتخاذلين وتركهم يقابلون مصيرهم المحتوم وهل يدرك الكل والبعض ان الاردن حين خاض حربه وحيدا في معركة الكرامة استطاع ان يكسر شوكة العدو وحده وحين خرج منها منتصرا لم يسلم من نبال وسهام الاخوة الاشقاء الذين حسدوه على نصره ذاك .
احيانا بل وفي كل الاحيان على الدول ان تقرأ الواقعية السياسية وان تعمل على ضوء مخرجاتها والواقعية السياسية تقول ان النظام العالمي المتشكل منذ ما يزيد على 80 عاما ما زال هو السائد وانه ما زال هو المتحكم في رقاب العالم كله فهل يستطيع الاردن او غيره ان يولي ظهره لهذا النظام الذي يتصف باختلال المعايير والمقاييس حين يتعلق الامر بقضايا الشعوب المحتلة والمقهورة .
الاردن منذ نشأته الحديثة كدولة صغيرة في هذا العالم الكبيرمارس الواقعية السياسية وهذا سر بقائه صامدا كدولة في محيط مضطرب وعالم متوحش ولعل الكثير من الدول تحسده على موقفه الواقعي في علاقاته مع قوى العالم وقدرته على التاثير ومخاطبة الاخر بذات اللغة التي يفهمها ثم انه وكلما احتاجت دولة من دول العالم المضطرب اي معونة يقدمها على الفور دون منة على احد وها هم عيالنا في كل دول العالم منهم من يضمد جراح المسحوقين من الحروب ومنهم من يلم شتات من ادمتهم الزلازل ومنهم من يناور في ساحات العالم المضطرب بحثا عن ضوء في نهاية النفق فهل ما زال البعض يطلب من الاردن اكثر من ذلك وهل الاحلام الثورية التي ينادي بها البعض تتطلب من الاردن ان يلقي بنفسه في اتون معركة غير متكافأة عددا وعدة وموازين .
قديما قالت العرب ان من يتلقى العصى ليس كمن يعدها وهذه دعوة للخارجين برماحهم الخشبية ان يركدوا رباباتهم وان يتركوا الاردن يواجه العالم بلغته العقلانية بعيدا عن العشوائية التي تدمر كل شيء .