هل هي استراحة محارب؟؟
الولايات المتحدة هي التي خططت وفرضت وعملت على اجتماع العقبة الخماسي أمس، فهي تعمل على إطفاء كل الحرائق في العالم، ليبقى الاجتياح الروسي هو المتصدر للمشهد السياسي الدولي، هو المعلن، الأهم، ومصدر الإهتمام، لأن على نتائجها تتقرر سياسات، وتتبلور نتائج إستراتيجية، من نهاية هذه الحرب .
الولايات المتحدة تدرك أن روسيا تسعى لإلغاء نتائج هزيمتها في الحرب الباردة 1990، وتتلهف لإلغاء نظام القطب الواحد الأميركي البريطاني الإسرائيلي، وسيطرته على أولويات المصالح والسياسات والخيارات السائدة.
وتسعى واشنطن لفرض التهدئة في فلسطين، بديلاً عن المواجهة المتصاعدة تدريجياً، ولا تحبذ تفاقم الصدامات لتشكل عنواناً لانتفاضة ثالثة كما يتوقع مدير المخابرات الأميركي وليام بيرنز التي أعلنها بوضوح أن مراقبته لمظاهر التحدي والفعل الفلسطيني ضد الاحتلال وسياساته العنصرية الاستعمارية الاستيطانية، ستؤدي حتماً وفق مقدماتها إلى الانتفاضة الثالثة.
الانتفاضة الأولى عام 1987 فرضت على اسحاق رابين الاعتراف بالعناوين الثلاثة: 1- بالشعب الفلسطيني، 2- بمنظمة التحرير، 3- بالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى أرضية وخلفية هذا الاعتراف تم:
1- الإنسحاب التدريجي لقوات المستعمرة من المدن الفلسطينية، بدءاً من غزة وأريحا أولاً، 2- عودة الرئيس الراحل ياسر عرفات ومعه خلال السنوات 94-1999، أكثر من ثلاثمائة وخمسين ألف فلسطيني إلى الوطن، 3- ولادة السلطة الفلسطينية كمقدمة لقيام الدولة الفلسطينية، 4- نقل العنوان الفلسطيني وقيادته من المنفى إلى الوطن.
أما الانتفاضة الثانية عام 2000، أرغمت شارون على الرحيل عن قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال من قطاع غزة.
ولكن كانت النتائج بعد ذلك مخيبة للآمال حيث تم إغتيال اسحق رابين إسرائيلياً، وأعاد شارون احتلال كافة مدن الضفة الفلسطينية في آذار 2002، التي سبق وانسحبت عنها قوات الاحتلال، وفرض الحصار والتجويع على قطاع غزة إلى الآن.
وماذا بشأن الانتفاضة الثالثة؟؟ قلق أميركي من انتفاضة ثالثة، وهزيمة للمستعمرة مصحوبة بجرائم وانتهاكات ومجازر مكشوفة عارية، كما حصل في غزة وجنين وأريحا ونابلس وشلال الدم متواصل.
واشنطن عملت على جمع الفلسطينيين مع الإسرائيليين، وجهاً لوجه، بمشاركة أردنية مصرية، وفرضت على الإسرائيليين وجلبهم إلى طاولة المفاوضات، بينما الرئيس الفلسطيني لا مشكلة لديه، فهو يرى ويسعى للقاء، ويجد فيه فرصة لفرض حضوره، ويصنع منه طرفاً حاضراً ضد إرادة قادة المستعمرة، لأن رغبتهم طمس وإلغاء العنوان الفلسطيني، تحقيقاً لهدفين:
الأول أن القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة.
الثاني إلغاء هوية الضفة الفلسطينية، وتثبيتها باعتبارها يهودا والسامرة، أي غير فلسطينية، غير عربية، غير محتلة، بل هي جزء من خارطة المستعمرة.
عمان والقاهرة، داعمتان لفلسطين، شهود على الحضور الفلسطيني لعل نتائج اجتماع العقبة تتجاوز الرغبة الأميركية المتمثلة بهدفين الأول فرض التهدئة والثاني تحسين ظروف الفلسطينيين المعيشية، باتجاه الإقرار بأهمية إنهاء الاحتلال وفرض الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا أن يبقى هذا اللقاء مجرد تحقيق التهدئة، وتحسين ظروف الفلسطينيين المعيشية.
لقاء العقبة، قد يكون استراحة محارب، لم يتعب بعد، ما زال يقظاً متحمساً، ولهذا من الصعوبة تحقيق نتائج سياسية ملموسة، فهل تحصل؟؟ الأيام المقبلة تحمل الإجابة عن كل التساؤلات.