حين أغلق الإنجليز النادي الفيصلي ففرد جناحيه عبر ضفتي النهر المقدّس
جفرا نيوز : كتب / د. محمد أبو بكر
لن أتحدّث عن الفيصلي ذلك النادي العريق المتخم بالبطولات والإنجازات محليا وعربيا وآسيويا ، والجميع يعلم ما قدّمه هذا النادي عبر تاريخه الذي يمتد لأكثر من تسعين عاما ، فبات علامة مضيئة في عالم الرياضة والتي كان الإبداع حليفا له عبر تلك العقود .
ولمن لا يعرف الكثير عن بدايات هذا النادي ، فتلك مرحلة يجدر تناولها لما تحتوي عليه من صعوبات وتحديات ، تمكّن المؤسسون الأوائل من تجاوزها ، في وقت كان الأردن ما زال في طور البناء للولوج إلى مستقبل كان يراه أهله بأنّه سيكون مليئا بتحديات من نوع آخر .
كشافة الفيصلي كانت الإنطلاقة بجهد ثنائي من المرحومين طاهر الجقّة وناظم قردن ، ولا ننسى طيّب الذكر المرحوم بهجت التلهوني ، ذلك الشاب المليء بالعنفوان والذي ساعد في تأسيس تلك الكشافة .
أربعة عشر عضوا ؛ كانوا هم القوام في المرحلة الأولى للتأسيس ، وحين اشتدّ الحماس بهم ، كان الإصرار نحو تأسيس ناد
للأشبال للعب كرة القدم ، غير أنّ الإنتداب البريطاني وقف لهم بالمرصاد ، حيث قام بإغلاق النادي بتهمة زعزعة أمن واستقرار الإمارة ، وهناك من يقول بأنّ أعضاء من النادي اتّهموا بمساعدة ثوار فلسطين .
رغم ذلك ؛ لم يمنعهم قرار الإغلاق من الاستمرار في ممارسة نشاط كرة القدم بطريقة أو أخرى ، وهنا جرت الإستعانة بالوطني الكبير المرحوم سليمان النابلسي الذي أصبح رئيسا فخريا للنادي .
بدأ العمل الجاد عند هؤلاء الشباب الذين لم تفتر عزيمتهم رغم قسوة قرارات الإنجليز ، فبدأوا بجمع التبرعات ، وجرى التقدّم بوثيقة التأسيس لإنشاء النادي الفيصلي ، حيث كان من المؤسسين ؛ زهير عصفور ، طاهر الجقّة ، سليم عوض ، محمد الصمادي وغيرهم .
وفي العام 1941 تم جمع مبلغ 3700 دينار كانت كافية لشراء أرض بجانب الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان ، ومن هنا بدأت الإنطلاقة الحقيقية للنادي الفيصلي نحو آفاق المجد الذي ما زال مستمرا إلى يومنا هذا .
مسيرة الفيصلي لا تتوقف عند حدود معينة ، فهو ناد يمتلك شعبية جارفة تخطّت حدود الوطن ، وهو أول ناد يلعب في فلسطين ، حيث يحظى بشعبية كبيرة في العديد من مناطق فلسطين ، وهاهي المسيرة تمتد عبر رجال عاهدوا الله بأن يبقى النسر محلّقا في الأجواء ويفرد جناحيه عبر ضفّتي النهر المقدس ، والثقة كبيرة بالشيخ معالي نضال الحديد ورفاقه لإكمال المسيرة الخيرة .
وبمناسبة الحديث عن الفيصلي ، أتذكّر المرحوم جميل الوريكات العدوان ( أبو أنور ) المدير الإداري للنادي لسنوات طويلة ، هذا الرجل الذي علّمني قيادة السيارات ، من خلال تلك المدرسة لتدريب السواقين في مخيم البقعة وأسماها مدرسة فلسطين ، ومن من أبناء المخيم لا يعرف المرحوم أبو انور ؟
وفي إحدى المرّات سألت أبا أنور .. لماذا يحبّك أهل المخيم ؟
فكانت الإجابة البسيطة .. صحيح أنا من قبيلة العدوان ، ولكن أنا إبن مخيم البقعة !
إلى رحمة الله كل أولئك المخلصين الأوفياء الذي أحبّوا الأردن وفلسطين وعشقوا التراب المقدّس والأرض الطهور .