هل أُسقطت طائرة الرجل الثاني في نظام البشير؟
جفرا نيوز - سلط برنامج "الجريمة السياسية" الذي بثته قناة الجزيرة الضوء على حادثة مقتل الفريق الزبير محمد صالح النائب الأول للرئيس السوداني السابق، في سقوط الطائرة التي كانت تقله في 12 فبراير/شباط 1998 في نهر السوباط بجنوب السودان، وهو الحادث الذي لم تعرف الأسباب الحقيقية وراءه، رغم تعدد الفرضيات والروايات بشأنه.
فقد ظل الغموض يحيط بحادثة سقوط الطائرة التي قتل فيها الزبير وقيادات سياسية وعسكرية سودانية، ولم تكشف تفاصيلها إلى اليوم. وقد طرح الفيلم الاستقصائي (2023/2/24) تساؤلات وفرضيات حول الحادث، مستعينا بشهادات حصرية لناجين من الحادث وبعض ذوي الضحايا وشهود عيان، كما قدم مشاهد للطائرة المنكوبة تعرض للمرة الأولى.
وكان الزبير -الرجل الثاني في السلطة حينها بعد الرئيس (السابق) عمر حسن البشير- على رأس وفد في رحلة من ملكال إلى الناصر بجنوب السودان، وصفها بيان صدر عقب الحادث بأنها تأتي ضمن جهود إحلال السلام في جنوب السودان.
وأعلنت الحكومة السودانية في تلك الفترة عبر وزير الإعلام والثقافة -وكان أحد الناجين من الحادثة- أن سبب السقوط يرجع لسوء الأحوال الجوية وانعدام الرؤية. كما أعلنت إذاعة المتمردين مسؤوليتهم عن استهداف الطائرة واغتيال الزبير، لكن الحركة الشعبية نفت لاحقا صلتها بالحادث.
وتعددت الروايات والفرضيات حول إمكانية استهداف الزبير وتصفيته من أعدائه، وتذهب بعضها إلى تخطيط ضباط حركة 28 رمضان لاغتياله انتقاما لإعدام زملاء لهم إثر محاولتهم قلب نظام الحكم عام 1990، غير أن أحد ضباط الحركة وهو إبراهيم خليفة نفى تورط الحركة بحجة أن ضباطها لم تكن لديهم آلية إسقاط طائرة وأغلبيتهم أعدموا والبقية الباقية كانت في السجن، وقال "الحركة بريئة جدا من حادث اغتيال الزبير".
وتؤكد بعض الفرضيات أن تصفية نائب الرئيس تمت داخل الطائرة، وحدث تبادل لإطلاق النار قبل سقوط الطائرة، إثر خلاف حاد بين الزبير وآروك طون آروك وهو أيضا توفي في الحادث.
غير أن أحد الناجين وهو الدكتور لام أكول أجاوين نفى حدوث إطلاق النار داخل الطائرة واعتبره حديثا ملفقا، ونفس الرأي أكده أحد الناجين -ويدعى الشيخ بيش- قائلا: "لم يحصل أي شيء في الطائرة".
عدم كفاءة طاقم الطائرة
وتشير بعض الروايات إلى أن الدكتور الراحل حسن الترابي كان ضمن دائرة الاشتباه في حادث تحطم طائرة الزبير، بالنظر إلى الخلافات التي كانت بينهما، فقد كان الزبير أول من اعترض على مشروع الترابي من أجل عودة الأحزاب السياسية والانفتاح الديمقراطي في السودان، بالإضافة إلى علاقته القوية حينها بالنظام المصري وعدم تحمس الترابي لهذه العلاقة لعلمه بأن القاهرة لا ترحب بالحكم الإسلامي في السودان.
وبحسب ما كشف الناطق الرسمي الأسبق باسم الجيش السوداني، محمد بشير سليمان للفيلم الاستقصائي الذي بثته الجزيرة، فقد تباحث الزبير مع نظام حسني مبارك خلال زيارته إلى القاهرة في يناير/كانون الثاني 1994 حول كيفية إبعاد الحكم الإسلامي في السودان.
وأقر المحبوب عبد السلام، المدير الأسبق لمكتب الدكتور الترابي بوجود خلافات بين الرجلين، لكنه أكد أن الترابي ليس من الشخصيات التي تجنح إلى المؤامرات والاغتيالات.
ومن جهة أخرى، تذهب بعض الاتهامات إلى أن السبب الرئيسي لسقوط الطائرة هو عدم كفاءة طاقم الطائرة وأن القرارات الخاطئة التي تم اتخاذها أدت لسقوطها في النهر، دون أن تتم محاسبة الطاقم.
كما أثار البعض الشكوك حول الإجراءات الرسمية التي اتخذتها الحكومة السودانية عقب الحادث، فلم تعرض الجثث على الطب الشرعي لفحصها وتشريحها، ولم تسلم لذوي الضحايا من أجل معاينتها، بالإضافة إلى أن التحقيقات التي أجرتها السلطات لم تكشف نتيجتها للرأي العام، كما يؤكد بعض من تحدثوا للبرنامج.
وبحسب الفيلم الاستقصائي، فإن ما يثير التساؤلات ويؤكد الارتباك في بناء رواية متماسكة حول ما حصل في 12 فبراير/شباط 1998 يتعلق باختلاف شهود العيان في وصف جثة الزبير لحظة خروجها من الماء، وفي وصف موقعه داخل الطائرة قبل سقوطها.
ومن الناحية الفنية لهبوط الطائرة، تذكر روايات الشهود والتقارير الرسمية أن الطائرة هبطت في اتجاه الرياح مما زاد في سرعتها لحظة الهبوط. وذكر التقرير الرسمي أن طول المدرج الترابي 1500 متر وعرضه 8 أمتار وأن ما تحتاجه الطائرة للهبوط هو 750 مترا فقط.
الجزيرة