التميّز التربوي في التعليم والتعلّم
جفرا نيوز - بقلم: الدكتورة جمانة مفيد السّالم كلية الآداب والعلوم التربويّة/ جامعة الشرق الأوسط
لطالما شغلتنا ثنائيّة التعليم والتعلّم، على مستوى الأُسر، والمؤسسات التربويّة والتعليميّة المختلفة، ومراكز صنع القرار، وغيرها من الجهات التي ترعى هذه المنظومة المعنيّة بتحقيق أهم وسائل التنمية البشريّة، وتطوير المجتمعات، والنهوض بالدول. ولطالما كانت جامعة الشرق الأوسط سبّاقة لطرح هذا الموضوع على طاولة النقاش والبحث، انسجامًا مع كونها جامعة جادّة ملتزمة، تسير قدُمًا في طريق تحقيق التعليم النوعيّ المتميّز لأحدث العلوم، ولأكثرها تلبية لمتطلبات سوق العمل، موظّفة في سبيل ذلك كلّ الوسائل والطرق الممكنة والمواكبة لكلّ ما هو جديد ومتطور في هذا المجال؛ لأنها في الوقت نفسه ساعية للتعلّم ولكسب الخبرات، وصولًا إلى الصورة المُثلى والممارسات الفُضلى في تحقيق أهم أدوارها: تعليم الراغبين في التعلّم والساعين للعلم، بالإضافة إلى جهودها المشهودة في البحث العلميّ، وخدمة المجتمع.
وانطلاقًا ممّا تقدّم تنظّم كلية الآداب والعلوم التربويّة في جامعة الشرق الأوسط، في الثامن عشر من آذار المقبل بحول الله، الملتقى الثاني للتميز التربويّ، تحت عنوان: (الريادة في التعليم والتعلّم)، والحديث عن الرؤى والتطلّعات بما يخصّ هذا الملتقى يأخذنا للحديث عن الملتقى نفسه في موسمه الأول، وكان عنوانه حين نُظّم في الجامعة قبل عام وشهرين تقريبًا: (الممارسات التعليميّة التعلّميّة)، وقد جاء ذلك سعيًا وراء تقديم تعليم نوعيّ يواكب تطوّرات العصر، وينسجم مع النظريات التربويّة الحديثة، وطرائق التدريس والتقويم المتميزة؛ إذ تلقّت اللجنتان التحضيريّة والعلميّة للملتقى آنذاك مئة وإحدى وستين مشاركة من جميع أنحاء المملكة، تمّ تقييمها تقييمًا أوليًّا وتصفيتها إلى ستٍّ وسبعين مشاركة تتصل بمحاوره، خضعت لتحكيم علميّ دقيق على وفق معايير محددة، انتهاء بستٍّ وثلاثين مشاركة تصبّ في المحاور الدقيقة له، وترقى للتقديم في جلساته العلميّة. وفي تلك الجلسات استمرّ التقييم بحسب مؤشرات أداء مقصودة مدروسة، وصولًا إلى ثماني ممارسات تعليميّة متميّزة تمّ الإعلان عنها، والتعريف بها، وتكريمها في الحفل الختامي للملتقى الذي حقّق أهدافًا عديدة، برز من بينها تبادل الخبرات المحليّة والإقليميّة في مجالات التعليم والتعلّم، وتأسيس القواعد المتينة لشراكات متميّزة بين الجامعات والمدارس في تلك المجالات، والوقوف على إستراتيجيات حديثة، وتجارب متميزة، وأفكار إبداعيّة في التعليم، وفي التقويم، وفي الإدارة والقيادة التربوية.
ركّزت محاور الملتقى الأول للتميّز التربويّ على التميّز في الممارسات التعليميّة، وفي القيادة والإدارة التعليميّة، وفي تكنولوجيا التعليم، وحظي آنذاك بدعم إدارة جامعة الشرق الأوسط، وبرعايتها على أعلى المستويات، فيما جاءت رعاية وزير التربية والتعليم حفله الختامي وقتئذ لتؤكد حرص الحكومة على دعم الجهود الريادية للجامعات في خدمة العمليّة التعليميّة التعلّميّة في المدارس، وخلال جلساته التي شهدت تنظيمًا متميّزًا لاقى استحسان المشاركين والحاضرين، عُرضت تجارب متميّزة في إطار الممارسات التعليميّة التعلميّة، تلبي احتياجات الميدان التربوي، وترفد العمليّة التعليميّة التعلميّة بكل جديد ومفيد، ومن ذلك: إستراتيجية الشخصيّة الوهميّة، وإستراتيجية التعلّم المبني على المشروع، ونموذج التعلّم الممتع للجميع، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم، وطرح الدروس بطريقة فيديو إلكتروني، والدور الفاعل للتدخل المبكّر، ولتفعيل دور أولياء الأمور، وغيرها من التجارب التي لفتت الحضور، وشجعتهم على تبنّيها في الميدان العمليّ.
وعملًا بأهم توصيات الملتقى الأول تمّ - كما أسلفت - إعلان كلية الآداب والعلوم التربويّة في جامعة الشرق الأوسط عن تنظيم الملتقى الثاني، تحت عنوان (الريادة في التعليم والتعلّم)؛ في محاولة جادّة ومستمرة من الأكاديميّين والتربويّين القائمين
عليه، والمشاركين فيه بإذن الله لمسايرة التطورات المتلاحقة في إستراتيجيات التعليم والتعلّم، والإفادة من التجارب الواسعة في هذا المجال الحيوي؛ وصولًا إلى مناقشة أبعاد التعليم الإلكتروني كافة، وإستراتيجيات تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، وآليات تحقيق الجودة في العملية التعليميّة التعلّميّة، ورسم رؤى جديدة لمرحلة رياض الأطفال، والوقوف على وسائل تطبيق نظريات القيادة والإدارة المعاصرة في الميدان التربوي، وغيرها من الموضوعات المتاحة لتقديم أجمل الصور الرائدة من الميدان، وأكثرها فاعلية وكفاءة؛ في محاولة لرأب الصدع الحاصل جرّاء التحدّيات التي تواجهها العمليّة التعليميّة التعلّميّة في الأردن، على مستوى القرارات، والمناهج، والأساليب، وهموم المعلّمين، وامتحان الثانوية العامة، والتعليم المهني، ومشكلات التسرب المدرسي، والعنف في المدارس، وعمالة الأطفال في سن المدرسة، بالإضافة إلى ما أفرزته جائحة كورونا من تحديات في هذا المجال؛ مما يوسّع دائرة الموضوعات التي يمكن لمثل هذا الملتقى المهم والمتميّز أن يطرحها في قابل الأيام.
وختامًا، لا أملك إلا أن أشكر جهود جامعة الشرق الأوسط، جامعة التنوير في بلد النُّور، على حفزها الجهود المثمرة لمنتسبيها، ودفعها كوادرَها للسير قُدُمًا في كلّ ما من شأنه رفعة وطننا الأردن، وأداء واجبات المسؤوليّة المجتمعيّة في المجالات التي تخدم شعبه كافة، وكم راقني وصفها – خلال ورشة عمل عُقدت فيها قبل أيام بعنوان: (واقع السلامة المرورية ودور الشركاء في العملية المرورية)، بأنها الجامعة التي" كانت وما زالت لطلبة العلم قِبْلة، وعلى خدّ الوطن قُبْلة"!، والشكر موصول بخاصة للزملاء القائمين على هذا الملتقى، وهم يواصلون العمل الدؤوب لتحقيق أفضل المُخرجات، وللخروج بأهم التوصيات، والشكر ممتدّ - من قبلُ ومن بعدُ - لكلّ من سيشاركون في الملتقى بإسهاماتهم، المتمثلة في بحوث إجرائية، أو ممارسات عمليّة لطرائق تدريس أو تقويم، أو إدارة متميّزة، علمًا أن باب المشاركة ما زال مفتوحًا أمام المعلّمين، والمشرفين التربويين، والمديرين المهتمين؛ لتقديم ملخصات موضوعاتهم التي يرغبون بعرضها في الملتقى حتى التاسع من شباط المقبل، عبر البريد الإلكتروني للملتقى: eduforum@meu.edu.jo، أو عبر الموقع الإلكتروني للملتقى: https://efet.meu.edu.jo، والله وليّ التوفيق والقادر عليه.