تدخل ملكي مأمول ودورة نيابية استثنائية لتهذيب الانتخابات للمرة الثالثة
جفرا نيوز - لا تبدو ازمة قانون الانتخاب مرشحة في المستقبل القريب للحصول على ثقة شعبية اوسع بعد ان اصدرت نسخته النهائية الحالية من مجلس الامة بانتظار توشيحه بالادارة الملكية السامية .
وليس الخلاف على قانون الانتخاب بالخلاف العابر ففي التفاصيل المعلنة فان التوقعات كلها تجمع على ان نسبة الراغبين في مقاطعة الانتخابات المقبلة ستكون اعلى مما كانت عليه في الانتخابات الماضية التي انتجت المجلس السادس عشر الحالي .
ووفقا للتوقعات نفسها فان ادوات مقاطعة الانتخابات المقبلة ستتسع وتتنوع بدرجة اوسع عما كانت عليه في كل الانتخابات النيابية السابقة لاسباب تتعلق هذه المره بعدة معطيات ووقائع على الارض من ابزرها :
اولا : ان الحراك الشعبي الاردني وما جرى ويجري في المنطقة والاقليم قد عزز من مطالب المواطنين المتعلقة بالاصلاح السياسي في القوت الذي ساعدت فيه على تنمية القوة والجرأة لدى المواطن الاردني ليعلن موقفة السياسي بصراحة من كل ما يجري في البلد .
ثانيا : ان عدم قناعة القطاع العريض من الاردنيين بعدم استجابة الحكومات والدولة لمطالبهم الاصلاحية سيدفع بهم الى الاعلان عن احتجاجهم على هذا التراخي الحكومي باتخاذ مواقف معلنة وواضحة وربما اللجوء لتنفيذ حملات واسعة لتعزيز المواقف الشعبية من مقاطعة الانتخابات .
ثالثا : لانتشار الواسع والعريض والمؤثر لوسائل التواصل الاجتماعي الجديدة " الفيس بوك " تحديدا كأداه مؤثرة وواسعة النطاق في الاردن لتنظيم الحملات الشعبية المطالبة بمقاطعة الانتخابات ووفقا للمعلومات الرسمية فان عدد مشتركي الفيس بوك تجاوز 2 مليون و 300 الف حساب اردني ، وهذا رقم لم يكن متاحا بالمطلق اثناء انتخابات المجلس السادس عشر الاخيرة الي جرت في 2010 .
التواصل الاجتماعي الاخرى " التويتر" والمواقع الالكترونية اضافة الى استخدام الاجهزة الخلوية قد بدات بالفعل من خلال تنظيم حملات اختبارية لتنظيم حملات مقاطعة واسعة النطاق للانتخابات النيابية المقبلة . وقد بدات الحملات فعلا على الفيس بوك على نحو حملة " انا مقاطع للانتخابات المقبلة ، ومن المتوقع ان تزداد وتيرة هذه الحملات كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية المقبلة .
رابعا : لعل من ابرز ما ادى الى تنامي حملات مقاطعة الانتخابات المقبلة ذلك الذي يتعلق باداء مجلس النواب الحالي الذي اثر سلبا على قناعات المواطنين بالسلطة التشريعية وجعلها في بؤرة اهداف المواطنين للنقد والمطالبة المتواصلة بحل المجلس والتخلص منه باعتباره سلطة لا تمثلهم وهو ما عبرت عنه وبتواصل مستمر مطالب الحراكات الشعبية في المملكة .
هذه الصورة السلبية التي تشكلت لدى المواطنين والناشطين الاردنيين تجاه المؤسسة التشريعية ، وما جلبته لنفسها من ازمات بدات مبكرا عندما منح المجلس الحالي حكومة سمير الرفاعي الثانية 111 نائبا وصولا الى اخراج قانون الانتخاب بتلك الصورة التي رفضها معظم الناشطين في الحراكات الشعبية ستؤدي الى ارتقاع وتيرة المقاطعة الشعبية للانتخابات النيابية المقبلة.
خامسا: عدم رضا المواطنين عن مخرجات قانون الانتخاب والابقاء القسري على الصوت الواحد سيساعد من رفع اعداد الغاضبين والمحتجين على اجراء الانتخابات النيباية المقبلة وفقا لهذا القانون المرفوض.
سادسا: اعلان الحركة الاسلامية عن موقفها بمقاطعة الانتخابات النيابية ما يساعد على تهيئة ارضية شعبية واسعة لتيار المقاطعة , ومن المتوقع ان تتبع الحركة الاسلامية تيارات اخرى في مقدمتها الحراكات الشعبية والجبهة الوطنية للاصلاح ، واحزاب اخرى ربما كان اولها حزب البعث الاشتراكي الذي اعلن هو الاخر مبكرا مقاطعته للانتخابات النيابية المقبلة .
امام ذلك تبدو المعطيات التي لا تزال تتفعل على هامش السيرة الذاتية لقانون الانتخاب تاخذ مكانها في عربة الرهانات على سيناريو يتيم يتعلق هذ المرة ايضا بتدخل ملكي لانقاذ من اجل اعادة عربة الانتخابات الى سكتها المستقيمة .
هذه الرهانات التي ارتفعت وتيرتها فور مصادقة مجلس الاعيان على قرار مجلس النواب برفع عدد مقاعد القائمة الوطنية من 17 مقعدا الى 27 مقعدا كشفت عن ازمة اخرى مركبة تتعلق هذه المرة بتاكيد قناعات المواطنين والسياسيين والناشطين والاعلاميين بان الحكومة التي قيدت المجلس فقط بفتح فقرة من المادة 8 من القانون المتعلقة بعدد مقاعد القائمة الوطنية اثبتت للمواطن بانها غير جادة تماما في تعزيز مسيرة الاصلاح السياسي من خلال التخلص من قانون الصوت الواحد.
هذا المشهد دفع بالكتاب والسياسيين والحزبيين والناشطين الى وضع سيناريوهات تتحدث عن تدخل ملكي مرة ثانية لانقاذ القانون في سياق اوسع يتعلق بانقاذ الانتخابات النيابية المقبلة بكاملها كخطوة ايجابية لانقاذ مسيرة الاصلاح التي لم تحظ هي الاخرى بالرضا الواسع عنها.
التدخل الملكي
لانقاذ قانون الانتخاب من الغرق مرة ثانية لا يزال احد السيناريوهات المطروحة التي
يراهن عليها الذاهبون اصلا الى قرار مقاطعةالانتخابات , بمن فيهم الاسلاميون
الذين اعلنوا عبر اكثر من قيادي بأن الحركة الاسلامية قد تراجع موقفها بمقاطعة
الانتخابات المقبلة اذا تراجعت الحكومة عن الصيغة الحالية لقانون الانتخاب وتخلت
عن الصوت الواحد.
وبالرغم من ان مثل
هذه التصريحات لقيادات اسلامية تم التعامل معها باعتبارها مغازلة مبطنة بين
الاسلاميين والحكومة او انها جاءت في سياق تحسين شروط التفاوض بين الحركة
الاسلامية والحكومة فإن هذه التصريحات نفسها تعبر عن مزاج عريض من شأنه ان يشهد
تحولا تجاه المقاطعة في حال تم التراجع عن الصوت الواحد.
ومن هنا بدت
الرهانات على تدخل ملكي للمرة الثانية لتهذيب قانون الانتخاب وتحسين معطياته تأخذ
مساحتها الواسعة في مساحة الحراك السياسي والشعبي والاعلامي الاردني , خاصة وان
مساحة عدم الرضا عن مجلس النواب الحالي تتسع رقعتها في كل يوم يضاف فيه الى رزنامة
بقاء المجلس الحالي قائما.
ومما يؤشر على اتساع
رقعة "الاماني" بتدخل ملكي مرة ثانية لتهذيب قانون الانتخاب سرعة فض
الدورة الاستثنائية الثانية التي لم تنجح الا بعقد جلسة واحدة وفقدت نصابها في
جلستيين تاليتين , ما فتح الباب واسعا للتوقف امام سيناريو قديم من المرجح ان يعاد
تجديده ويتعلق بدعوة مجلس الامة للانعقاد في دورة استثنائية ثانية بعد انقضاء شهر
رمضان , سيكون على جدول اعمالها النسخة الثالثة المعدلة من قانون الانتخاب بعد
تدخل ملكي يتمناه الكثيرون ويراهنون عليه.
هذا السيناريو يبدو
حتى الان منطقيا ومعقولا تماما , لكن من غير المعقول هضم احد السيناريوهات الخطرة
التي بدأ يتم انتاجها نهاية الاسبوع الماضي ويتعلق باللجوء الى الاعلان الاحكام
العرفية واصدار قانون انتخاب مؤقت وفض المجلس وتشكيل حكومة جديدة تبقى الى ما بعد
الاعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات النهائية التي ستجرى على اساس القاونون المؤقت
المتوقع لاقراره وفقا لهذا السيناريو الخطر.
مصادر عديدة تستبعد
كليا هذا السيناريو كجزء من حزمة افكار كانت تطرح على مستويات متعددة دون اعتبار
هذه السيناريوهات جزءا من حزمة مطروحة للاختيار من بينها ما يصلح للتأسيس لمعالجة
ازمات المرحلة المقبلة.
ولعل من المفيد
التأكيد هنا على ان سيناريو "الاحكام العرفية" سيبقى مستبعدا تماما من
حزمة السيناريوهات لكون مخاطره كبيرة , وكلفته السياسية باهظة جدا لا يمكن احتمال
تبعاتها واستحقاقاتها.
ويبقى السيناريو
الذي يطرح مبدأ التدخل الملكي للمرة الثانية والذهاب الى دورة استثنائية ثانية
سيظل قائما وربما سيكون متاحا خلال شهر رمضان المبارك , لكن المشكلة ستبقى في آلية
التنفيذ , وفي المهمات التي ستنفذها الهيئة المستقلة للانتخابات , فيما ستبقى
السيناريو الاخر المتعلق بالابقاء على ما آل اليه قانون الانتخاب في نسخته الاخيرة
دون اية تدخلات ملكية لتهذيبه وتحسينه قائما لاجراء الانتخابات على اساسه.
وعندها فإن المشكلة
ستذهب للتأزيم اكثر , وسيبلغ عدد المقاطعين اعلى مستوياته , وسيبقى السؤال عن مدى
شعبية تمثيل المجلس المقبل مطروحا برسم الاجابات المقنعة , فضلا عن بقاء ازمة الثقة
قائمة تبسط معالمها على كل المعطيات طيلة المرحلة المقبلة. المجد