داودية يكتب: الملك الحسين واجتثاث المتآمرين !!
جفرا نيوز - كتب العين - محمد داودية
برنامج اجتثاث البعث هو نسخة كربونية مشوهةٌ مسخٌ، عن برنامج اجتثاث النازية Denazification، الذي وضعه الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية بهدف "تحرير المجتمع الألماني والنمساوي من الأيديولوجية النازية في حقول الثقافة والصحافة والاقتصاد والقضاء والسياسة".
تم تنفيذ برنامج اجتثاث النازية بمطاردة الأعضاء في الحزب النازي وقوات الأمن الخاصة وعزلهم عن مواقع السلطة والنفوذ، وذلك بتفكيك المنظمات المرتبطة بالنازية.
أما اجتثاث البعث، الذي طال مئات آلاف الأبرياء من الدم والظلم، فجاء جزءا من إستراتيجية الاحتلال الأميركي للعراق، وانيط بوزارة الدفاع الأميركية وفقا للتوجيه الرئاسي للأمن القومي رقم 24 الصادر في 20 كانون الثاني 2003، أي قبل 60 يوما فقط من غزو العراق في آذار سنة 2003 !!
وبالمقارنة، فقد أمضت دول الحلفاء خمس سنوات تخطط لاجتثاث النازية، ما بعد هزيمة ألمانيا واليابان ودول المحور.
في حين كان الزمن الفعلي لوضع وتطبيق سياسة اجتثاث البعث، أسابيع فقط !!.
في 10 آذار 2003 عقد اجتماع لمجلس الأمن القومي الأمريكي لتحديد "المدى" الذي سيذهب إليه برنامج اجتثاث البعث، بسبب الخلافات بين وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية.
فقد دعت وزارة الدفاع الأميركية، بتأثير من أحمد الجلبي والمؤتمر الوطني العراقي المتصل بإيران، إلى سياسة موسعة تستهدف جميع أعضاء حزب البعث. وكان ذلك على النقيض من رأي وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية، اللتين دعتا إلى سياسة أقل شمولية "لإلغاء الصداميين"، تستهدف فقط المتهمين بارتكاب جرائم وأعضاء القيادة العليا.
في الحالة الأردنية، حاول "الضباط الأحرار" سنة 1957، الانقلاب على الملك الحسين، وضَلَعَ بعضُهم في محاولة اغتياله.
اعتُقل عدد وفرّ آخرون إلى الخارج طالبين اللجوء السياسي في برلين وموسكو وبكين وبلغراد وسورية ومصر، حيث شهّروا من اذاعاتها، بالملك !!
أصدر الملكُ الكبير عفوًه عام 1964، فعاد اللاجئون السياسيون، مستنزفين، متعبين، مشوقين.
وقد أثّر فيهم الصفحُ والتسامح لدرجة انهم أصبحوا من أشد المخلصين للعرش.
وتجلت رفعةُ الملك وتساميه، حين أمر بأن يُحال إلى التقاعد فقط، من كانت خدمته قابلة للتقاعد. وأن يُعاد إلى الخدمة برتبة أقرانه، من لم يصل إلى سن التقاعد، حتى يحصل على تقاعد كريم !!
برهن الملك الحسين ان الدول لا تدار بغرائز الانتقام وبسيف الاجتثاث، والقادة العظام يتأسّون برسولنا الحبيب "إذهبوا فأنتم الطلقاء" !!