مسرحة الرواية : " المهطوان نموذجا "
رواية : رمضان الرواشدة
المعالجة مسرحيا : صلاح الحوراني
جفرا نيوز - بقلم : علي عليان
الله ياسلامة…..
ان الراوية قائمة على السرد والوصف الطويل للاحداث والشخصيات والغوص في اعماق كل شخصية متخيلة والقدرة لدى الكاتب على اضفاء عنصري المتعة والتشويق لشد انتباه القاريء للاستمرار في القراءة بالضرورة وهناك تمايز بين كاتب وآخر وتمايز في الاساليب التقنية وصياغة الجمل الكلامية ومتعة انسيابيتها وموسيقاها التي تحعل القاريء يعجب ويتخيل وفق خيال كاتب الرواية .
ان تنوع الاجناس الادبية ما بين قصة ورواية واسلوبيتهما يختلفن عن التقنية للكتابة المسرحية، فحين التعاطي مع هذين الجنسين لصياغة عرض مسرحي لهو مسألة صعبة ومعقدة وتحتاج الى تدريب ذهني لتفكيك بناء شخصيات الرواية والقصة ومن ثم تحويلها الى نص مسرحي يحمل البناء الدرامي الصراع بين الشخصيات وليتخلص من السرد الطويل الحكاء وهذه مسألة صعبة ومعقدة وتحتاج الى الوقت الطويل من اجل البناء والهدم واعادة الصياغة من جديد .
في رواية الكاتب رمضان الرواشدة الاخيرة " المهطوان " محاكاة للواقع السياسي في مرحلة الاحكام العرفية وما افرزته من صراعات بين قوة السلطة وبين العقل وخيال الكاتب وما نتج عنه من تغول عميق راح ضحيته العديد من سنوات العمر في السجون والمعتقلات لاصحاب القلم والنخبة السياسية المعارضة ، كما تؤشر الرواية الى انحراف النخب المعارضة وسطوتها على احادية التفكير لدى منتسبيها وادانة عقولهم حين ترى فيها نوعا من الانفتاح الوجداني على فكر الآخر بل وتخوينه ووضعه في مصاف الارتداد الفكري عن فكر التيار ، لقد تعاطى النص المسرحي مع هذا الواقع الذي فرضته الرواية وسياقها التوصيفي للاحداث ولأن الكتابة للمسرح تقنيتها ديناميكية بشخصيات حية كان هناك تناول درامي غنائي لشخصية المهطوان ذاتها بالاضافة الى الاغاني الوطنية التي كانت سائدة في مرحلة التناول والتي كانت تصنف من الممنوعات ومنها اغاني الشيخ امام وبعض من اشعار محمود درويش .
هناك تيمة اساسية استمرت طوال العرض المسرحي تتردد غناءا على لسان " المهطوان " وحبيبته الفلسطينية ابنة رام الله "سلمى"
ليت المنابا اللي تيجي يا سلامة
وتحوم عالانذال دار بدار
ويطول عمرك يا حفيظ السلامة
وتدوم يا عز الاهل والجار …
فلا فرق ولا تسويف ولا مماطلة في علاقة كاثوليكية راسخة بين الحب وتعبيراته الجمالية بين حب سلمى والمهطوان وما تعنيه من معاني دلالية عميقة راسخة بين ذات الشعب شرقي النهر وغربيه ، وقصة سلامة راسخة كنموذج موغل في تعميق سيكولوجيا الانسان وقدرته على استخدام ماكنيزمات الاستذكار والتخيل لتلك الفترة وتجلياتها السلبية والايجابية ومحملة بكل التناقضات السياسية في تناغم هارموني معني بالوطن ومحبيه ورافدي ترابه بالدم دم الشهداء الذي ينبت عشبا اخضرا وتكرار هذه الترنيمة طوال العرض المسرحي ترسيخ لقيم تضحيات الشهداء المبجلون في اوراق الكتب وفي مخيلة الابناء وبنات من ضحوا بدمائهم لأجل التراب والارض والانسان في مواجهة مخرز الاعداء وما غرزوه من خناجر في قلوب الاوطان وتعاطي انذال ابناء الحلدة الواحدة مع هذه الخيانات العتيدة ، اما احفاد سلامة فما زالوا على العهد ولم ينسوا الحق في ارض الوطن فلسطين ليظل البيت عالي المقام شامخ ثابت الاساس ، انها رفعة الثوابت الوطنية .
راكين وطن
والمهطوان فكرة
والفكرة والوطن لا يموت …
وبما ان هذا العرض المسرحي الذي تصدى لمعالجته داميا صلاح الحوراني وقدم على المسرح الرئيسي في المركز الثقافي الملكي بحضور لافت وهنا يستند المخرج على كمية الغناء الحواري والحكاء في سرد مفاصل الرواية بتهكم احيانا وجادا احيانا اخرى وحسب الوقع السياسي وبصور بصرية واضحة المعالم كتصغير الجلاد وتعظيم الضحية وجمال الام ودعواتها الروحانية .." خليك رجل مثل الرجل حتى تقهر السجان" ، وفي سياق التناول ما بين المسرحية والرواية كان الراوي جزء من اللعبة المسرحية ويمثل شاهد على العصر وتخرج شخصيات المسرحية لتسأل كاتب الرواية لماذا راكين ولماذا المهطوان ؟
المسرحية والراوي نفسه الكاتب ويجيب على السؤال مباشرة وبلعبة فرجوية خالصة بان الفكرة والوطن لا يموتان .
ونغني معا للوطن للشهداء للامهات.