العفو العام تغول على القانون

 جفرا نيوز - بقلم المحامي حمادة أبو نجمة 

العفو العام يناقض مبدأ سيادة القانون، ويتسبب في زعزعة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها وضياعا للحقوق، وينطوي على تنازل غير مبرر، ويشجع على تكرار الأفعال الجرمية والإستهانة بالقوانين وبالحقوق العامة والخاصة.

في العادة هناك جرائم خطيرة يسعى النواب لشمولها بالعفو العام في كل مرة يطرحون فيه هذا الموضوع، كما حصل في العفو السابق، وهي ما بين جرائم قتل واغتصاب وهتك عرض، إلى احتجاز الرهائن وإدخال مواد متفجرة وسامة إلى المملكة، والرشوة والإختلاس، وقطع الأعضاء والتشويه وإحداث العاهات، والذم والقدح والتحقير.

عفو عن جرائم دون أن يشترط على الأقل حصول الضحايا المعتدى عليهم على حقوقهم أو تنازلهم عنها، باستثناء جرائم القتل والإغتصاب وهتك العرض التي يشترط فيها عادة تنازل الضحايا وهو أمر بحد ذاته ينطوي على انتهاكات واسعة في حيثيات التنازل وأساليب الوصول إليه.
 
وتنذر مساعي شمول مثل هذه الجرائم بالعفو بتغول خطير على القانون وسيادته المفترضة، وتهميش دور القضاء صمام الأمان لحقوق الوطن والمواطن وملجأ المظلوم للوصول إلى حقه وإنصافه، في الوقت الذي يفترض في الدولة أن تحرص على أن تأخذ العدالة مجراها.

معظم دول العالم تعرف ما يسمى بالعفو الخاص، وليس العام، وتجربة الأردن بعد إصدار أكثر من 12 قانون عفو عام، تشير إلى أن الجرائم تتكرر من المجرمين ذاتهم، وفي ذلك ضياع لحقوق كثير من الناس، فقانون العفو العام يشجع سجناء وموقوفين على تكرار أفعالهم، وهو أيضا وإن كان مفيدا للعديد من الأشخاص، فهو يضيع حقوق أعداد أكبر، منهم ضحايا الجرائم وأسرهم، وفي حال تشريعه سيشكل ضربة للعدالة وسيادة القانون وانتهاكا صارخا للحق العام.

على النواب والحكومة التأني في دراسة حيثيات الموضوع، فالأردنيون ليسوا في وضع اجتماعي واقتصادي لتحمل كوارث أخرى، وفي ظل هذه التخوفات يفترض العمل على استمزاج مختلف شرائح المواطنين وكافة مكونات المجتمع وهيئاته قبل الإقدام على أي خطوة بهذا الإتجاه.

من غير المنطق تبرير التوجه نحو العفو العام بدعوى أن السجون متخمة بأعداد من المساجين تفوق طاقتها الإستيعابية، وأن العفو العام سوف يخفف الضغط عن السجون، فهذا التبرير تكرر في حالات العفو السابقة، الأمر الذي يعني أن تفريغ السجون هو تفريغ مؤقت لا يصمد طويلا خاصة وأن السجون ما تلبث أن تعود للإمتلاء من جديد، وفي ذلك ما يشير إلى أن الحل يكمن إما في معالجة أسباب تزايد الجرائم، أو في معالجة محدودية القدرة الإستيعابية للسجون في حال كان معدل الجريمة عندنا يعتبر في المستوى الآمن.