«اسرائيل» تهدد.. كيف نرد ؟
جفرا نيوز - بقلم حسين الرواشدة
بعد نحو 29 عاما على معاهدة «وادي عربة «، يبدو ان ساعة الحقيقة دقت. إسرائيل كشفت عن وجهها الحقيقي الذي نعرفه، والأردن أدرك، تماما، أن المواجهة قاب قوسين أو أدنى، الوقائع كلها تشير إلى ذلك، ليس فقط هيمنة اليمين الصهيوني المتطرف على زمام السلطة والمعارضة معا، ولا تدشين بن غفير،امس الأول، مسار اقتحامات الأقصى، المسألة أعمق من هذه العروض السياسية؛ لأنها تتعلق بمشروع صهيوني اكتمل تماما، لا يستهدف فلسطين وحدها، وإنما الأردن أيضا، وحان وقت تنفيذه بأسرع مما نتصور.
إذا صحّ ذلك، وهو بتقديري صحيح، فإن السؤال عن خياراتنا اتجاه هذا التطور التاريخي الذي يشكل تهديدا لوجودنا، اصبح بحاجة إلى إجابات واقعية و حاسمة، تتجاوز ما ألفناه من مناورات سياسية، أو محاولات للتكيف مع الوقائع، أو تأجيل التعامل معها بانتظار أي مستجدات او مفاجآت، أقصد هنا أنه لا خيار لنا سوى المواجهة، بما نملكه من أوراق سياسية، وإمكانيات وطنية، واستعدادات لأسوأ السيناريوهات، وأصعب الظروف.
في هذا السياق، أول ما يجب أن نفكر فيه هو أن نتحرر من حالة الإحساس بالضعف أو العجز وعدم القدرة، نحن، الأردنيين، الدولة والمجتمع معا، نمتلك ما يلزم من مقومات للمواجهة، تاريخنا يشهد على ذلك، واستدعاؤه ضروري لرفع الهمة وإحياء الروح الوطنية، لكن الأهم هو الترجمة العملية، أعني البدء فورا بخطوات جادة لحسم العلاقة مع « تل ابيب» باتجاه مصلحتنا الوطنية العليا، هذا يقتضي أن تتوافق قرارات الدولة مع إرادة المجتمع، لإفراز مشروع وطني لمواجهة العدوان، وتحشيد ما لدينا من طاقات لأجل ذلك.
أول عناوين هذا المشروع هو بناء «قضية اردنية» تستند إلى سرديات مقنعة ومؤثرة، ترتكز على جبهة وطنية موحدة وقوية، وتفرز من الأردنيين أفضل ما لديهم من مواقف تجاه دولتهم، هذا ليس عملا سهلا يتم بكبسة زر، خاصة وان حالة مجتمعنا أصبحت صعبة، وعلاقاته مع مؤسساته ليست على ما يرام، ما يستلزم إجراء مراجعات (هل أقول عمليات جراحية عاجلة ) للوضع القائم، وصولا إلى صفحة جديدة بيضاء، تجمع الأردنيين وتوحدهم للدفاع عن بلدهم.
أن أقوى «ورقة» يمكن الاعتماد عليها، في غياب العمق العربي، وانكشاف ظهورنا، وتراكم اخطائنا في المرحلة السابقة، وانشغال العالم عن تقديم ما ننتظره من دعم لنا، هي ورقة» نحن»، فكما فعلنا تماما في «الكرامة المعركة»، يمكن أن نفعل في» الكرامة المشروع « للمواجهة الآن، هذا يحتاج من إدارات الدولة أن تغير سلوكها اتجاه المجتمع، ابتداء من» تصفير» الأزمات الداخلية، و ترسيم العلاقة بين المواطنين ومؤسساتهم، وصولا لاستعادة الثقة بينهم، ثم مشاركتهم في تحمل مسؤوليات ما يصدر من قرارات، سواء أكانت في سياق مراجعة الماضي، وما جرى على صعيد العلاقة مع تل أبيب، او ما سوف يجري مستقبلا.
لا يجوز أن نتأخر عن إعلان «النفير» الوطني العام ضد التهديدات التي بدأت ماكينة الاحتلال تصدّرها يوميا، لكن في موازاة ذلك، لابد أن «نعقلن» خطابنا العام، ونضع اقدامنا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، على ارض صلبة، ثم نفحص تربتنا الوطنية لإزالة ما نبت فيها (على غفلة منا ) من اشواك وأحساك، ونطرد من أذهاننا ما تراكم من أساطير وأوهام «التشاركية «مع العدو، فنحن دولة قوية بعزيمة الاردنيين فقط، وخزانات الدم التي ملأتها بطولات وتضحيات شهدائنا، أكبر دليل على ذلك.