«عباس» يدعو إلى «حِوار فلسطينيّ» قريباً.. ماذا عن «إعلان الجزائر»؟
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
على نحو مفاجئ ولافت في التوقيت والمضمون, دعا رئيس السلطة الفلسطينية/محمود عباس السبت الماضي, في كلمة مُسجّلة له بمناسبة ذكرى إنطلاقة حركة فتح الثامنة والخمسين, إلى حوار وطني فلسطيني «سياسي شامل", للعمل والتصدّي -أضاف- وتحمّل المسؤولية والسير نحو تحقيق أهداف شعبِنا».
وإذ حفلت كلمته بكثير من العناوين والشعارات والمُصطلحات التعبوية، دون أن تقدم رؤية مُحدّدة عملية وميدانية للخروج من المأزق الفلسطيني الراهن, الذي يجسّده الإنقسام الأفقي والعامودي الذي تسبّبت فيها حركتا فتح وحماس على حد سواء، بإصرارهما على التمسّك بمواقفهما، فضلاً عن ارتهانهما لتحالفاتهما وارتباطاتهما الإقليمية.
فإن دعوة رئيس السلطة الأخيرة تدعو للتساؤل عن مصير إعلان الجزائر, الذي تم توقيعه في 13/ 10/ 2022 والذي ما كان أن يتم التوصّل إليه (رغم جهود الجزائر الشقيقة) لولا أن لقاء الفصائل الفلسطينية جاء قبيل ثلاثة أسابيع على القمة العربية, التي التأمت في العاصمة الجزائرية أول تشرين الثاني الماضي, على نحو خَشِيَ المجتمعون في الجزائر حال فشلوا في التوصّل إلى اتفاق يتم إعلانه (مع نِيّة مُبيتة لدى معظمهما لعدم الإلتزام به كما يجب التذكير),... خشي هؤلاء أن يجدوا صدّاً وتقريعاً من المجتمعين/العرب في قمّة الجزائر. على قاعدة أن الفلسطينيين غير مُوحّدين فكيف لهم أن يطلبوا منا أن نقدم لهم الدعم السياسي والدبلوماسي؟ فضلاً عن المالي، ناهيك عن سؤال متوقّع آخر: لمن منهم ستُقدم هذه المساعدات (بافتراض توفّر النيّة لتقديمها أصلاً)؟.
صحيح أن رئيس السلطة لم يُقدم برنامجاً أو جدول أعمال للحوار العتيد الذي دعا إليه السبت الماضي، دع عنك غياب جدول زمني لإنعقاده، بل تركَه ربما للظروف والتطورات التي قد تتسارع مع وصول تحالف الفاشيين الصهاينة الذي يقوده نتنياهو «السادس»، مع زمرة من أنصار أرض إسرائيل الكاملة, وفتح المزيد من برامج الضم والتهويد والأسرَلة، فضلاً عن «شطب» وليس مجرد غياب أو تغييب أي أفق سياسي أو لقاء مع أركان سلطة رام الله.
تماماً كما كانت الحال في عهد «حكومة التغيير» التي قادها الفاشِيان نفتالي بينيت وخَلفِه الصهيوني المتدثر بعباءة يمين الوسط/يائير لبيد, عندما أحجم «الإثنان» عن الإلتقاء بمحمود عبّاس أو مهاتفته أو تبادل «التهاني» معه, كما كان يفعل مجرم الحرب/بيني غانتس, الذي لم يتورّع عن تهديد عبّاس (ضمنيّاً) عندما هاتفه مُودّعاً (قبل يومين من تسلّم نتنياهو الحُكم) قائلاً له: «إن الخطوات الدولية ضد إسرائيل، مثل تلك التي تريد السلطة الفلسطينية المُضي بها قدُماً إلى الأمام في الأمم المتحدة (يقصِد غانتس قرار الجمعية العامّة بطلب «فتوى» من محكمة العدل الدولية بشأن تعريف الإحتلال للأراضي الفلسطينية)، ستُلحِق الضرر- أضاف غانتس- في نهاية الأمر بالفلسطينيين, وبشكل مُحدّد تُعزّز الحواجز بين الطرفين»، دون إهمال تصريح نتنياهو الدنيء عندما وصفَ قرار الجمعية العامة أول أمس بأنه «قرار حقير» مُضيفاً بصلف وغرور: «الشعب اليهودي ليس مُحتلاً على أرضه، وليس مُحتلاً في عاصمته الأبدية، ولا يوجد – واصلَ باستعلاء – قرار للأمم المتحدة يمكن أن يُشوّه تلك الحقيقة التاريخية».
نحن إذا أمام السؤال عن مصير «إعلان الجزائر» الذي لم يتطرّق إليه رئيس السلطة في دعوته للحوار الفلسطيني (الشامل) في القريب العاجل. رغم أن الجزائر كانت جدّدت في 9/12/2022 دعوتها لحركتي فتح وحماس لإجراء مباحثات في العاصمة الجزائرية, يُفترض توسيعها قبل نهاية الشهر نفسه لتشمل جميع الأطراف الفلسطينية المُشاركة في الحوارات التي عُقدت في الأشهر التي سبقت «إعلان الجزائر", راج بعدها أن القيادة الجزائرية سـ«تُمارس ضغوطاً على الحركتين وخصوصاً على رئيس السلطة, للتراجع عن اشتراطاته التي تحول دون تطبيق بنود المصالحة (والمقصود الشروط التي وضعها عبّاس خلال اجتماع مجلس ثوري حركة فتح, والتي تتمثّل في اعتراف «جميع» الفصائل بمنظّمة التحرير ممثّلاً شرعيّاً ووحيداً للشعب الفلسطيني, و«القبول» بالشرعية الدولية», وهي شروط لا تلتزمها حماس كما الجهاد الإسلامي, كون القبول بالشرعية الدولية تعني في نظرهما الإعتراف بإسرائيل.
فهل يمكن للحوار «الجديد» الذي دعا إليه عبّاس أن ينعقد وِفق شروط كهذه؟, وهل تم نعي إعلان الجزائر ودفنه؟.
الأيام القريبة... ستروي.
kharroub@jpf.com.jo