كادر الكاميرا وصناعة البطل
جفرا نيوز بسام ابو النصر
كانت طفولتنا مليئة بالاحلام الوردية التي ربما لم تفضي في كثير من الاحيان الى نتائج تحققت، وكانت في جنوحها تذهب بنا بعيدًا الى مهاوىً أو مفاوز، وفي الحالين كنا نرتدي ذات القيم، فلا يمكن ان يتغير ما بداخلنا من نوازع الخير والشر، ربما يفوز أحدهما بدواعي البيئة والضمير، لقد كف الكثير في السنوات الأخيرة عن النظر في عيوب الاخرين واكتفوا بالنظر في داخلهم، صار العالم بنظرهم هو ما يكتنف نفوسهم، وصار الشخص نموذج للمثل التي يحملهما، وهذا هدف يسعى اليه العالم منذ بدء الخليقة، وربما أن تقدم بعض القوميات قد رافقه تقدم في الانسان ذاته حين بدأ ينظر الى ذاته وترك النظر الى الاخرين، حيث أن النظر الى الذات يرافقه تصويب وارتقاء، بينما النظر الى الغير يرافقه في معظم الاحيان تنافسًا غير خلاق، وتقليد، ونسخ لا يفضي الى الإبداع.
ونعود الى شخصية البطل الذي يأوي اليه الناس في تحقيق أهدافهم، وتحقيق أمنهم، وهم يساهمون في نجاحه وتحقيق ما يمكن أن يشكل في حياته نجاحات متراكمه، وتأتي في كثير من الأحيان هذه البطولات في ظل وجود الفريق الذي يساهم في البطولة فيما يسمى ب كادر الكاميرا وهم الأشخاص الذين يعملون على صنع البطل من مستشارين وإداريين وأمناء وسكرتاريا، وربما الكثير من الجمهور الذين يتناولون أحاديث البطل في الدواوين وعلى المواقع الالكترونيه، وفي القنوات الفضائية، ويساهمون في تناول خطاباته في الصحف والمؤتمرات والندوات ليحللوا، وأذكر صديقًا كتب مقالا صحفيا في موضوع حيوي له علاقه بموقعه تاريخية وطنية، وكان قد سبق لها مكالمة هاتفية من قبل أحد صانعي خطابات القائد الأعلى وطلب اليه الكتابة في الموضوع الذي يهم القيادة العليا وأبلغه بالمحاور التي تدغدغ فكر القائد، فما كان من الكاتب الا أن تناول الموضوع بما يرضي فكر القائد، وعندما عرض عليه المقال من قبل مستشاره الذي اراد خيرًا للقائد حتى طلب منه التواصل مع الكاتب وتعيينه مديرا ومستشارا، وهكذا يْصنع الابطال في بلادنا.
الكثير من المذيعين الدين يحسن اختيار حواشيهم من معدين ومخرجين وحتى المونتيرين والمحررين، وتدخل شخصية المذيع كبطل محتمل في المقام الاخير، فهناك من يتم اقصاؤه وهناك من يتم اخراجه كبطل وعظيم، وهذا يأتي لغايات شخصية وارضائية، او لغايات أخرى لا حاجة لذكرها.
فريق الكاميرا يشمل الكثير، فعند الحديث عن بطولة هتلر سواء قبلنا بسلوكه او رفضنا، علينا ان نتذكر وزير اعلامه هيس، والقائد الذي حقق له الكثير من البطولات "رومل " والعشيقة التي اختارت الانتحار معه "ايفا براون " وفريق كبير من الشجعان الذين كانوا يسيرون معه الى الموت، والتاريخ لم يذكر أحدًا منهم بذات الصورة التي ذكر بها هتلر، وكان الكثير منهم من الفاضلين بينما حمل هتلر صورة البطل غير الفاضل.
وهنا ربما علينا ان نتوقف في أن الكثير من الابطال هم شجعان الميادين والحروب ممن لم يحتاج الى جوقة فريق الكاميرا، واستحقوا بطولة دون أي من المطبلين والمزمرين، ولم يحتاج الى نفاق وتزلف حتى يسمى بطلًا.
هناك الكثير من القادة ممن كان همهم أن يكون بطلا بفعل النفاق والتزلف وتدخل مؤسسات لكي يكون بطلا، بينما يغيب عن الكثير المدح والثناء مهما بلغ في القوة والبطولة، وتغيب عن الاوطان قوة تأثيرهم نتيجة صدق اهدافهم وقيمهم والعقيدة الصادقة التي تندثر نتيجة مال ستذهب اليه بطولاتهم.
هكذا يْصنع الأبطال، وهكذا يتم التعتيم عن بعض الأفعال التي يأتي بها أبطال لا يذكرهم التاريخ ولا حتى فريق النفاق الذي يعمل الى جانبهم