صناعة الزعيم !!
جفرا نيوز - بقلم محمد داودية
لا يصبح الرجلُ زعيماً بقوى الدفع الذاتية، أي أنه لا يصنع نفْسَه. فثمة آليات ومنصات وروافع متخصصة محترفة، تتولى في ظرف ما، تحويل شخص ما إلى زعيم مهيوب، محبوب، تقوم له الجماهير و لا تقعد.
فكما أنه لا يستقيم ولا ينفع ولا يحقق المطلوب، تركيبُ أرجُلٍ من شمعٍ أو جبصين، لغير المؤهلين، لإطلاقهم في سباق 100 متر، مع الإيطالي الصاروخ جاكوبس، أو مع الجامايكي الأسطورة بولت.
فإنه لا يمكن أيضاً، تحويلُ شخص خِمِعٍ، إمّعة، قلقٍ، متقلب، خفيفٍ، جبان، بخيل ومرتج، إلى زعيم معدود، مرقوب، مُطاعّ، قَرم «أبو ندهتين».
صناعة الزعيم تشترط توفر الإمكانيات الطبيعية والاستعدادات الأساسية في الشخص، للانتقال به من صفوف الطليعة والنخبة والصفوة، أي من دكة البدلاء إلى دكة الأصلاء، وإلى صولجان القادة وهيلمان الزعماء.
نلاحظ أنه في سنوات منصات التواصل الزائفة، أخذ «العِقِب»، المتطلعون إلى الشهرة أو «الشّرهة»، أو إليهما معا، النكرات المتعطلون من المواهب، الاغرار عديمو الخبرة والتجربة السياسية، باستثناء موهبة الفجور والسباب والزعيق والفغير، أخذ اولئك يتفلتون وينفلتون على الميكروفونات والمسيرات والمظاهرات والاعتصامات، ذات الطابع المطلبي والسياسي، محاولين ركوب حاجات الناس وتعبهم وأوجاعهم. ومحاولين لبس عباءة الزعامة، التي من ابسط شروطها وأولها، الاتزان والصدق والعفة والوقار والهيبة.
معلوم ان هذه «النُّمَر» سرعان ما تخبو وتنطفئ وتنفثئ، وتزول غشاوتهم عن أعين المواطنين البسطاء، الذين تنطلي عليهم إلى حين، النماذجُ البكاشة الباحثة عن دور وصرّة، على قاعدة ان «الأرض الواطية تشرب ماءَها و ماءَ غيرها» !!
لا خِفّة في الزعامة، ولا زعامة للطائشين. الزعيم طودٌ، وازنٌ، ثقيلٌ، عفيفٌ، غويطٌ، وساعٌ، شجاعٌ وجواد.
والزعيم لا يكون عنترياً ولا مُزاوداً.
الزعيم لا يتوكأ على المصاب ولا يصطهج للخراب.
لا تتم صناعة الزعيم على الورق، ذاك زعيمٌ كرتوني، ونمرٌ من ورق، كما قال ماوتسي تونغ في وصف الإمبريالية الأميركية.