"مؤامرة للإطاحة".. متى بدأ بحث سيناريو "الانقلاب" في ألمانيا؟
جفرا نيوز - لا تزال محاولة الانقلاب التي كشف النقاب عنها تهزّ الساحة السياسية والأمنية في ألمانيا، حيث ألقت السلطات في 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، القبض على أكثر من عشرين مشتبهًا بالتورط في مؤامرة مزعومة "للإطاحة بالدولة عن طريق العنف والوسائل العسكرية”.
بحسب الادّعاء العام في ألمانيا، اشترت المجموعة التي تضمّ شخصيات من اليمين المتطرّف وضباطًا عسكريين سابقين أسلحة، ووضعت خططاً ملموسة خلال الأشهر الأخيرة لإثارة الفوضى على مستوى البلاد، واقتحام البرلمان الألماني البوندستاغ باستخدام العنف.
متى بدأ بحث سيناريو الانقلاب في ألمانيا؟
حركة "مواطني الرايخ” التي لا تعترف بالنظام الدستوري القائم في ألمانيا، تهدف إلى الإطاحة به من خلال تنفيذ انقلاب وإعادة تأسيس إمبراطورية، وهي معروفة منذ الثمانينيات.
ومنذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين انقسمت الحركة إلى العديد من المنظمات الصغيرة و”الممالك” وبدأت الظهور بشكل متكرر.
بصرف النظر عن هذه المحاولات الهامشية، غطت وسائل الإعلام على نطاق واسع لفترة طويلة محاولات "مواطني الرايخ” والمنظمات اليمينية المتطرفة اختراق مؤسسات الدولة، بخاصة الجيش والشرطة.
ومنذ عام 2010 فُقدت عشرات المسدسات وكميات ضخمة من الذخيرة والمتفجرات التابعة للجيش الألماني ولم يعثر عليها.
وعام 2017 كُشف عن أنّ الملازم أول فرانكو أ. التحق بالجيش الألماني "البوندسفير” بهدف تنفيذ انقلاب واغتيال سياسيين.
بعد ذلك مُنع أعضاء "مواطني الرايخ” الحصول على تراخيص السلاح في 2018 حتى نهاية 2021، وبالتالي ألغيت تراخيص الأسلحة التي يملكها ألف و50 من أعضاء الحركة، فيما لا يزال 500 من أعضاء "مواطني الرايخ” يمتلكون أسلحة.
مدبرو محاولة الانقلاب.. من هم؟
ينتمي الأعضاء الذين قُبض عليهم في إطار الحملة الأمنية الأخيرة إلى حركة "مواطني الرايخ”، وتضمّ عدداً من الشرائح والجماعات.
من المعروف أن هذه الحركة مدعومة من جماعة Querdenker اليمينية (المفكرون الجانبيون)، التي عارضت بشدة عمليات الإغلاق الحكومية المتعلقة بفيروس كورونا.
ووفقًا لتقارير خدمة المخابرات الداخلية الألمانية Verfassungschutz فإن عدد أعضاء الحركة يبلغ نحو 21 ألفاً، بينهم ألف من اليمنيين المتطرفين.
ومن بين أعضاء الحركة الذين اعتُقلوا بتهمة التخطيط لمحاولة انقلاب مسلح صباح الأربعاء (7 ديسمبر)، أمير سلالة نبيلة وهاينريش رويس والنائبة السابقة في الحزب اليميني "البديل من أجل ألمانيا” بيرجيت مالساك وينكمان وضابط الجيش الألماني السابق روديجر فون ب.
هذا واعتُقل أعضاء في حركة "مواطني الرايخ” بتهمة التآمر لقلب النظام الدستوري وشن غارة مسلحة على البرلمان الألماني والاستيلاء على السلطة.
وفقًا لهذه الحركة لا تزال ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية تحت الاحتلال، وتجب محاكمة السياسيين الحاليين ومسؤولي الدولة في محكمة "نورمبرغ” العسكرية (هي سلسلة من اثنتي عشرة محكمة عسكرية عُقدت في قصر العدل في نورمبرغ لمحاكمة جرائم الحرب) بتهمة الخيانة، اعتقاداً منها أن ألمانيا تحكمها حالياً "دولة عميقة” (من المفاهيم الحديثة في العلوم الاجتماعية).
ووفقًا للسلطات الألمانية فإن قدرة الحركة على اختراق النظام القضائي والجيش وقوات الشرطة والبرلمان الألماني من خلال حزب البديل من أجل ألمانيا تجعل الحركة "أكثر خطورة”.
ما أصداء وانتقادات العملية الأمنية الأخيرة في ألمانيا؟
تُوصف حملة مكافحة الإرهاب التي اتُّهم فيها 54 شخصاً واعتُقل 25 شخصاً بأنها أكبر عملية لمكافحة الإرهاب في تاريخ ألمانيا بعد منظمة سلاح الجو الملكي البريطاني.
وحول العملية الأمنية قال مكتب المدعي العام الفيدرالي، في بيان، إن "السلطات المختصة تراقب المجموعة منذ نوفمبر/تشرين ثاني 2011، وأن المداهمة نُفّذت أخيراً”.
وأكبر الانتقادات التي أُعرب عنها فيما يتعلق بالعملية الأمنية أنها رافقتها وسائل الإعلام وجرى تداول التفاصيل مع مختلف وسائل الإعلام قبل أيام.
وبعد الحملة الأمنية واسعة النطاق في ألمانيا، زعمت النائبة عن حزب اليسار مارتينا رينر في تصريح صحافي أن "بعض وسائل الإعلام كانت تعلم منذ أسبوعين أن العملية ستنظم، الأمر الذي كان من شأنه أن يشكل خطراً أمنياً لمثل هذه العملية واسعة النطاق”.
وانتقدت رينر مشاركة المعلومات هذه التي "قد تجعل أعضاء مواطني الرايخ يتخذون الاحتياطات من خلال تحذيرهم مسبقاً”.
بينما يصف جميع السياسيين، وبخاصة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، في تصريحاته مؤخراً، خطة الانقلاب المزعومة بأنها "تهديد خطير للديمقراطية والنظام الدستوري الألماني”.