تسرب الطلاب من المدارس رفع اعداد المتسولين

جفرا نيوز - 

التسوّل، لا يقتصر على الكبار للأسف، بل على العكس ربما ينتشر بين الأطفال واليافعين ممن يفترض أن يكونوا على مقاعد الدراسة بشكل أكبر من الكبار، وهذه الفئة هي الأكثر استغلالا من قبل الكبار لاجبارهم على التسوّل، وتربط العديد من الدراسات أن هناك علاقة بين تسرب الأطفال من المدارس بمرحلة مبكرة وبين لجوئهم للتسوّل من أجل جلب المال. وتعرّف اليونيسيف التسرب «بعدم التحاق الأطفال الذين ما زالوا في سن التعليم بالمدرسة أو ترك المدرسة برغبتهم أو رغما عنهم لظروف خارجية دون إكمال المرحلة التعليمية التي يدرسون فيها بنجاح أو عدم المواظبة على الدوام لعام أو أكثر»، أمّا التسول فـ»ظاهرة اجتماعية موجودة في كل العالم، من مظاهرها «جلوس على الطرقات أوراق وتقارير مرضية تعرض على المارة ومد الأيدي للمال أو البيع وهو مظهر من مظاهر التسول ونسبة الأطفال في هذا المجال عالية جدا».

وفي إطار ملف «الدستور» هذا الأسبوع المخصص لوضع ظاهرة التسوّل على طاولة البحث، ركّز هذا التقرير على الربط ما بين التسرّب من المدارس والتسوّل، وهو للأسف واقع تشهده أعيننا باستمرار، فيما تؤكد وزارة التربية والتعليم أن التسرب من المدارس لدى الإناث أكثر من الذكور وتبلغ نسبة التسرب 3 طلاب لكل ألف بينما تقدر «نسب تسرب الإناث بـ4 طالبات لكل ألف، اي ان هناك 7 آلاف طالب متسرب سنويا في مرحلة التعليم الأساسي.


وفي التفاصيل، تشير وزارة التربية والتعليم إلى أن هناك خطة إجرائية للتسرب من المدارس وهي خطة وقائية وعلاجية وتعمل الوزارة من خلال المرشدين التربويين لتقديم خدمات الدعم النفسي.

وبحسب الاستشاري في مجال التربية العامة أحمد خليفة فإن رقم التسرب مرتفع جدا وهو رقم غير بسيط، مشيرا إلى أن التسرب له أسباب كثيرة بالنسبة للفتيات معظمها من أجل الزواج المبكر والتفكك الاسري وعدم وجود حاجة برأي الاهل لتعليم الفتيات.

ويبين خليفة فيما يخص تسرّب الذكور فيكون بسبب الأسرة أو المستوى المادي للعائلة ومن أجل العمل، وقد يكون العمل البيع على الإشارات أو أمام المولات والمحلات الكبرى، ويوجد العديد من الأنواع الّتي تظهر بها ظاهرة التسول ضمن المجتمعات منها التسول الظاهر.

وتظهر أشكال أخرى للتسوّل وفق خليفة كالتسول غير الظاهر والتسول الطارئ، والتسول الإجباري والتسول الاختياري والتسول الموسمي والتسول القادر، والتسول غير القادر والتسول الجانح.

ويقول خليفة لا بد أن نعلم ان التسول ظاهرة مقلقة وانتشارها يهدد المجتمع؛ لأن التسرب إلى التسول يرفع نسبة البطالة في المجتمع فالتسرب، يؤدي الى ظهور عدد من الشباب لا يملكون عملا أو مورد حياة، وبالتالي طريق مسدود للمستقبل، كما أن التسول يرفع مستوى الاستسهال والاتكال بأن التسول هو السر، وراء المال دون الانتباه الى ان التسول يمس كرامة الإنسان وكيانه.

بدورها، تقول خبيرة علم النفس الاجتماعي الدكتور ميسر الحسن، ان اسباب التسول مختلفة بين شخص وآخر أهمها زيادة الفقر في المجتمعات، الغلاء في المعيشة التسول بسبب المرض والبعض الآخر يأخذها كمهنة متوارثة عن الآباء، والأهم من ذلك عدم تنفيذ القوانين لحماية الأطفال وكبار السن وتؤمن كافة احتياجاتهم وهناك شريحة تتسول؛ لأنها لا ترغب بالعمل.

وتبين الحسن أن ظاهرة التسرب المدرسي لها العديد من الأسباب حسب البيئة الاجتماعية والثقافية والمستوى المعيشي للأسرة والنظام التعليمي، اضافة الى ضعف مهارات الطالب التفاعلية والاجتماعية، فبعض الطلاب لا يندمجون مع زملائهم بالمدرسة وهذا يعود إلى طبيعة حياتهم الأسرية، اضافة إلى تأثير الأصدقاء يؤدي الى التسرب ومنها التسول؛ لأن الأطفال في عمر معين لن يكون أمامهم إلا التسول وهذا يفضي إلى الكثير من المشاكل الاجتماعية.

وتضيف الحسن «للأسف لا يوجد مرشدون تربويون في كل المدارس والنسبة لا تتعدى الـ 20% فقط من المدارس، مبينة للأسف أزمة كورونا اججت مشكلة التسرب ومنها التسول.

وتشير الحسن إلى أن الأطفال المتسولين هم ضحايا فعليون لظروف مجتمعية لذلك أنا مع ضرورة ابقاء هؤلاء الأطفال في مراكز الإيواء لتأهليهم بشكل يتناسب مع احتياجاتهم وإيجاد نظام تعليمي مناسب لهم لإدراك مخاطر التسول وأهمية التعليم مستقبلا، وتنفيذ نظام رعاية مناسب يتضمن المراقبة المستمرة وتقييم الأطفال المتسولين خلال إعادة تأهيلهم في المجتمع.

في ذات الشأن، تؤكد التقارير الحقوقية أن الأطفال المتسولين من ضمن الفئات التي نص قانون الأحداث على رعايتها وحمايتها، وتضمن ذلك المتسترين منهم بأي طريقة، مثل الباعة المتجولين، أو الذين يبيعون قرب الإشارات، واعتبارهم ضحايا بحاجة للحماية، حيث إن قانون العقوبات جاء لحماية الأطفال، خاصة أن الأحكام التي تصدر بحقهم هي أحكام حماية لا عقوبة.
 و أن مكافحة تسول الأطفال تتطلب بالدرجة الأولى التعامل مع مشغلي الأطفال في التسول، لافتة إلى أن تطبيق برامج إعادة التأهيل وحدها في المراكز التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية للأطفال لن يكون كافيا طالما أن الطفل يعود إلى البيئة ذاتها.

كما تؤكد التقارير، أن مكافحة تسول الأطفال تتطلب بالدرجة الأولى التعامل مع مشغلي الأطفال في التسول، وتطبيق برامج إعادة التأهيل وحدها في المراكز التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية للأطفال لن يكون كافيا طالما أن الطفل يعود إلى البيئة ذاتها.