الحزبية حق للإنسان وليست منحة ،،،
جفرا نيوز- بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة ،،
أخيرا وبعد نقاشات مستفيضة وجدل واسع استمر عدة شهور، بين القطاعات الرسمية المعنية بالإشراف وتنفيذ منظومة التحديث السياسي ، مع الجامعات الرسمية والأهلية والقطاعات التربوية والتعليمية، عدا عن البرامج الحوارية المتكررة التي نظمت في محطات التلفزة الأردنية مع من يفقه في الحياة الحزبية، ومع من لا يفقه بها ولا حتى بقانون الأحزاب مع الإحترام للجميع ، ومع من هو حزبي ومارس الحياة الحزبية ، ومع من هو ليس حزبي ولم يمارس الحياة الحزبية ، صدر نظام تنظيم العمل الحزبي في الجامعات ، وكم كانت الحكومة سعيدة بهذا الحدث ، وكأنه انجاز كبير واستثنائي ، على الرغم من الإنتقادات الذي تعرض له النظام من بعض التيارات السياسية والأهلية ، ورغم كل ذلك فإنه يسجل للحكومة الحالية هذا السبق في إنجاز هذا النظام ليرى النور ، ويدخل حيز التنفيذ والممارسة العملية ، ففي الوقت الذي تجاوزت بعض دول العالم هذا النهج منذ عقود طويلة من الزمن وأصبح الحزبية سلوك حياتي لديهم، وبدأت دول العالم نقاش وتطبيق التحول الرقمي والذكاء الصناعي في دولهم، نحن ما زلنا نناقش كيف نطور ونطبق العملية الحزبية ونشر ثقافة الأحزاب السياسية بين الطلبة في الجامعات الأردنية ، وأخذ الموضوع بين مد وجزر وضوابط وقيود على كيفية التطبيق ، الحكومة كانت سعيدة جدا بولادة هذا النظام ، واعتبرته منحة حكومية للشعب وللأحزاب السياسية بشكل عام ، ولطلبة الجامعات بشكل خاص ، ولم يبقى سوى أن نقيم إحتفالا وطنيا بهذا الإنجاز ، وتناست الحكومة أن حزبنة الحياة السياسية والسماح للمواطنين بالانخراط في الأحزاب السياسية هو حق من حقوق الإنسان الذي نصت علية الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة الأردنية الهاشمية منذ سنوات طوال، لأن الحياة الحزبية هي ركن أساسي من أركان الديمقراطية ، لا تقوم الديمقراطية ولا تستوي بدونها، والأردن منذ استئناف الحياة السياسية بشموليتها الديمقراطية والنيابية والبرلمانية والحزبية في عام 1989 أي قبل ما يزيد عن ثلاثون عاما ، ومرور ثلاثة عقود في التمام والكمال على صدور أول قانون للأحزاب السياسية في عام 1992 ، ونحن نطالب بتفعيل الحياة الحزبية بكل حرية في كافة الأوساط المجتمعية دون معوقات أو إعاقات لم تجد أذن صاغية آنذاك ، وحتى بعد إقدام الحكومة وبناء على توجيهات ملكية سامية للسير في هذا النهج والذي ترجم بإنشاء وزارة للتنمية السياسية في عام 2003 ، لهذه الغاية وهو تفعيل الحياة السياسية والحزبية بكل جوانبها ومكملاتها ، دون محددات ومعوقات، ولو عملت الحكومات المتعاقبة على تطبيق هذا النهج السياسي وسهلت تطبيقه لكنا قد وصلنا إلى هذا الهدف والمبتغى منذ سنوات ، ولوفرنا الكثير من الكلف التي ترتب على هذا التأخير ، فالحزبية ليست حالة طارئة على الدولة الأردنية ، فالأردن ومنذ تأسيس إمارة شرق الأردن والأحزاب السياسية متجذرة فيه، والشعب الأردني يمارس الحياة الحزبية ، فكما هو معروف أن أول حزب أردني تأسس كان في عام ١٩٢٧ وهو حزب الشعب الأردني ، وبعدها تأسست العديد من الأحزاب السياسية ، كما سبق وأن تشكلت أول حكومة حزبية نيابية في عام 1956، أي قبل حوالي سبعون عاما، الشعب الأردني يملك الثقافة الحزبية ومارسها منذ بداية الدولة الأردنية ، والدولة الأردنية متقدمة في هذا التوجه منذ عقود طويلة ، والدليل على ذلك الدستور الأردني الذي صدر في عام 1952 يعتبر من أفضل الدساتير ، والفكر الهاشمي كان متقدما سياسيا وحزبيا ونيابيا ويؤمن بالنهج الديمقراطي ، ولذلك فقد نص الدستور الأردني على أن نظام الحكم في الأردن نيابي ملكي ، فقدم الحكم النيابي على الملكية، لكن وللأسف الحكومات المتعاقبة هي من كانت تجهض فكرة الديمقراطية وتعيق الحياة الحزبية وتقدمها وتطورها وحزبنة الشعب الأردني ، وكانت تحاسب الناس على هذا الفكر ، ولذلك وبناء على ما تقدم ، فإن صدور نظام تنظيم العمل الحزبي في الجامعات ليست بالشيء الكبير ، والحدث المميز ، والإنجاز الاستثنائي ، لأنه في النهاية حق من حقوق الشعب الأردني ، وإرث سياسي قديم، نص عليه الدستور الأردني ، والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وركن أساسي من أركان الديمقراطية والحياة البرلمانية ، وللحديث بقية .