حكومة نتنياهو يمين ام ترقيع؟

ربما يفضل رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو تشكيل حكومة يمينية في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، لكنه يملك خيارات أخرى.

فالمعسكر اليميني الداعم لنتنياهو حصل في الانتخابات التي جرت، الثلاثاء الماضي، على 64 من مقاعد الكنيست (البرلمان) الـ120، وهي كافية لضمان حكومة مستقرة تستمر عدة سنوات.

ولكن مع ذلك، وتحت وطأة الضغوط المحلية والإقليمية والدولية، قد يحاول نتنياهو تبديد المخاوف من خلال تطعيم حكومته بأحزاب وسطية.

فلم يكد نتنياهو يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة حتى ظهرت مخاوف إقليمية ودولية من ضم حزب (القوة اليهودية) اليميني المتطرف بقيادة إيتمار بن غفير المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، للحكومة.

وبالإضافة للمخاوف الإقليمية والدولية، فإن ثمة مخاوف محلية من محاولة حكومة اليمين، الحد من صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية، خاصة ما يتعلق بقدرتها على إلغاء قوانين يعتمدها الكنيست.

فالأغلبية التي يتمتع بها اليمين في الكنيست تؤهله لسن قوانين قد يكون لها انعكاس على المجتمع الإسرائيلي وتمس المواطنين غير المتدينين وأيضا الأقليات، خاصة العرب.

وخلال الأيام القليلة المقبلة، سيجد نتنياهو نفسه أمام 4 خيارات رئيسية في مسار تشكيل الحكومة الجديدة، والتي ستعيده إلى مقعد رئيس الحكومة بعد غياب دام عام واحد ونصف العام.

الخيار الأول: حكومة يمين

الحل الأكثر استقرارا لنتنياهو هو تشكيل حكومة تستند إلى المعسكر اليميني الداعم له، والذي يضم إضافة إلى حزبه "الليكود"، أحزاب "شاس"، و"يهودوت هتوراه"، و"الصهيونية الدينية"، و"القوة اليهودية"، وهي تملك مجتمعة 64 مقعدا، أي ما يزيد عن الـ61 مقعدا المطلوبة لنيل ثقة الكنيست.

وفي حال لجأ نتنياهو إلى هذا الخيار، الذي يمكن القول إنه "ممكن"، فإنها ستكون الحكومة اليمينية الدينية القومية الأولى في تاريخ إسرائيل، وتضمن استقرارا حكوميا وعودة نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، إلى الحكم.

ولكن نتنياهو سيواجه صعوبات في إرضاء أعضاء حزبه "الليكود"، والأحزاب الأخرى ضمن هذا التحالف في توزيع الحقائب الوزارية، ما يمثل عقبة رئيسية أمام تشكيل الائتلاف الحاكم.

وبكل الأحوال، فإن هذه الحكومة ستكون تحت أعين المجتمع الدولي، خاصة في ظل المواقف المتطرفة لحزب "الصهيونية الدينية"، برئاسة بتسلئيل سموتريتش، و"القوة اليهودية" برئاسة ايتمار بن غفير.

الثاني: حكومة وحدة وطنية

في محاولة لتبديد المخاوف المحلية والدولية، فإن نتنياهو قد يسعى لضم أحزاب من الوسط إلى الحكومة التي يشكلها، مثل حزب "هناك وسط" برئاسة رئيس الوزراء يائير لابيد، و"المعسكر الرسمي"، برئاسة وزير الدفاع بيني جانتس.

ولكن لابيد قطع الطريق على هذه المحاولة بقوله، الأحد الماضي "لقد خسرت الحكومة التي أترأسها الانتخابات التي أجريت الأسبوع المنصرم. ولست بصدد إضاعة حياتي في كره الذي انتصر، ولست بصدد إدارة ظهري للذين لم ينتخبونا".

وأضاف لابيد: "لا يوجد هناك سيناريو، ولا توجد هناك حالة ندخل بموجبها الحكومة الجديدة.. سنكافح من موقع المعارضة من أجل تصوراتنا وقيم الجمهور الهائل الذي انتخبنا، وسنكافح حتى نتبوأ سدة الحكم مجددًا".

وصدرت تصريحات مشابهة عن جانتس، ولكن المراقبين الإسرائيليين يقولون إنه في حين أن نتنياهو لا يعلق أي آمال على انضمام لابيد لحكومة يشكلها، فإنه لا يزال يأمل في انضمام جانتس.

وفي حال قرر جانتس الانضمام إلى مثل الحكومة الجديدة، فإنه قد يجد نفسه مضطرا لإنهاء تحالف (المعسكر الرسمي) الذي يضم إضافة إلى حزبه (أزرق أبيض) حزب (أمل جديد) برئاسة القيادي السابق في حزب (الليكود) وزير العدل جدعون ساعر.

الثالث: "أزرق أبيض"

لم تكد تظهر نتائج الانتخابات حتى ظهرت علامات على تفضيل "القوة اليهودية" برئاسة بن غفير الانفصال عن "الصهيونية الدينية"، برئاسة سموتريتش.

بدأ ذلك في إقامة حفلي انتصار منفصلين ثم اجتماعين منفصلين مع نتنياهو ولاحقا تحديد اجتماعين منفصلين لهما مع الرئيس الإسرائيلي في مشاوراته لتشكيل الحكومة.

وتملك "القوة اليهودية" 6 من الأعضاء الـ14 من تحالف "الصهيونية الدينية" في البرلمان الجديد.

ويواجه نتنياهو إشكاليات محلية وإقليمية ودولية في ضم أعضاء حزب "القوة اليهودية" إلى حكومته، فضلا عن أن "الليكود" نفسه ليس راضيا عن النمو السريع لهذا الحزب.

وبإمكان نتنياهو أن يعمل على استغلال الشرخ بين "القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية"، باتجاه استبعاد "القوة اليهودية" من حكومته القادمة.

ولكن يلزم نتنياهو الحصول على موافقة من جانتس للانضمام إلى الحكومة، إذ إن حزب الأخير "أزرق أبيض" وحده كافيا لإنجاز مهمة استبعاد (القوة اليهودية).

الرابع: القائمة العربية

ثمة الكثير من المراقبين الذين لا يستبعدون إمكانية سعي نتنياهو للحصول على دعم لحكومة يشكلها من القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، الذي دعم الحكومة منتهية الولاية.

والسبب في ذلك هو محاولة طمأنة المجتمع الدولي بأن حكومته لن تستهدف الأقلية العربية في إسرائيل.

وبعد أن كان نتنياهو يوجه الانتقادات الحادة إلى القائمة العربية الموحدة لأنها الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية وبوصفها حزب "الإخوان المسلمين"، فإنه أوقف هذه الاتهامات في الآونة الأخيرة.

ولا ينفي نتنياهو أنه أجرى مفاوضات مع القائمة العربية الموحدة للحصول على دعمها لحكومة كان يسعى لتشكيلها العام الماضي. وبدوره فإن عباس لم يغلق الباب نهائيا أمام إمكانية دعم حكومة نتنياهو ولكن بشروط، ما يجعل هذا المسار صعبا.

رصد